الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

قوله تعالى: { وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ }: يجوزُ أَنْ تكونَ التامةَ أي: وَلْتُوجد منكم أمةٌ، فتكون " أمة " فاعلاً، و " يَدْعُون " جملةٌ في محلِّ رفعٍ صفةً لأمة، و " منكم " متعلِّقٌ بتكن على أنها تبعيضيةٌ، ويجوز أن يكونَ " منكم " متعلقاً بمحذوفٍ على أنه حالٌ من " أمة " إذ كان يجوز جَعْلُه صفةً لها لو تأخّر عنها، ويجوز أن تكون " مِنْ " للبيان لأن المُبَيَّن وإنْ تأخَّر لفظاً فهو مُقَدَّمٌ رتبةً، ويجوزُ أَنْ تكونَ الناقصةَ فأمه اسمها و " يَدْعُون " خبرها، و " منكم " متعلِّقٌ: إمَّا بالكون، وإمَّا بمحذوف على الحال من " أمة ". ويجوزُ أن يكونَ " منكم " هو الخبرَ و " يَدْعُون " صفةً لأمة، وفيه بُعدٌ. وقرأ العامة: " ولتكن ". وقرأ الحسن والزهري والسُّلمي بكسرها، وهو الأصل.

وقوله: { وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } من باب ذكر الخاص بعد العلم اعتناءً به كقوله:وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } [البقرة: 98] لأن اسم الخير يقعُ عليهما بل هما أعظمُ الخيور. وقوله: { جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } لم يؤنِّثِ الفعلَ للفصلِ ولكونِه غيرَ حقيقي بمعنى الدلائل.