الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

قوله تعالى: { وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ }: جملةٌ حالية من فاعل " تكفرون " ، وكذلك { وَفِيكُمْ رَسُولُهُ } أي: كيف يُوجَدُ منكم الكفرُ مع وجودِ هاتين الحالين؟

والاعتصام: الامتناعُ، يُقال: اعتصم واستعصم بمعنى واحد، واعتصم زيدٌ عمراً أي: هَيَّأَ له ما يَعْتَصِمُ به، وقيل: الاعتصام: الإِمساك، واستعصم بكذا: أي استمسك به، والعِصَّامُ: ما يُشَدُّ به القِرْبة، وبه يُسَمَّى الأشخاص، والعِصْمَةُ مستعملةٌ بالمعنيين لأنها مانعةٌ من الخطيئةِ وصاحبُها مستمسِك بالحقِّ، والعِصْمَةُ أيضاً: شِبْهُ السوار، والمِعْصَمُ: مَوْضِعُ العِصْمة، ويُسَمَّى البياضُ الذي في الرسغ " عُصْمة " تشبيهاً بها، وكأنهم جَعَلوا ضمةَ العينِ فارقةً، والأَعْصَمُ من الوُعولِ: ما في معاصِمِها بياضٌ وهي أشدُّها عَدْواً، قال:
1370ـ لو أَنَّ عُصْمَ عَمايتين ويَذْبُلٍ     سمعا حديثك.................
وفي الحديث في النساء: " لا يَدْخُلُ الجنةَ منهن إلا كالغراب الأَعْصم " وهو الأَبيضُ الرِّجلْلين. وقيل: الأبيضُ الجناحين، والمرادُ بذلك التقليلُ.

وقوله: { فَقَدْ هُدِيَ } جوابُ الشرطِ، وجِيء في الجواب بـ " قد " دلالةً على التوقُّعِ لأنَّ المعتصِمَ متوقعُ الهداية.