الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤمۤ }

قد تقدَّم الكلامُ على هذا مشعباً، ولكنْ نَقَل الجرجانيُّ هنا أن " ألم " إشارةٌ إلى حروفِ المعجمِ كأنه يقول: هذه الحروفُ كتابُك أو نحوُ هذا، ويدلُّ:لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } [آل عمران: 2-3] على ما تَرَكَ ذِكْرَه من خبرِ هذه الحروفِ، وذلك في نَظْمِه مثلُ قولِه تعالى:أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } [الزمر: 22] وتركَ الجوابَ لدلالةِ قولِه:فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [الزمر: 22] عليه تقديرُه: كَمَنْ قسا قلبُه، ومنه قَولُ الشاعر:
1156ـ فلا تَدْفِنوني إنَّ دَفْني مُحَرَّمٌ     عليكم ولكنْ خامِري أمُّ عامرِ
أي: ولكن اتركوني للتي يقال لها " خامري أم عامر ". انتهى.

قال ابنُ عطية: يَحْسُن في هذا القول - يعني قولَ الجرجاني - أن يكون " نَزَّل " خبرَ قولِه " الله " حتى يرتبطَ الكلامُ إلى هذا المعنى. قال الشيخ " وهذا الذي ذكره الجرجاني فيه نظرٌ، لأنَّ مُثُلَه ليست صحيحة الشبهِ بالمعنى الذي نحا إليه، وما قاله في الآية محتملٌ، ولكنَّ الأبرعَ في الآية أن " ألم " لا تَضُمُّ ما بعدها إلى نفسها في المعنى، وأن يكونَ قولُه:ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } [آل عمران: 2] كلاماً مبتدأً جزماً جملةً رادَّةً على نصارى نَجْران ". قلت: هذا الذي ردَّه الشيخ على القاضي الجرجاني هو الذي اختاره الجرجاني وتبجَّج به، وجَعَله أحسنَ الأقوالِ التي حكاها في كتابه " نظم القرآن ".