الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَٱبْتَغُواْ عِندَ ٱللَّهِ ٱلرِّزْقَ وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

قوله: { وَتَخْلُقُونَ }: العامَّةُ بفتحِ التاءِ وسكونِ الخاءِ وسكونِ اللامِ، مضارعَ خَلَقَ، " إفكاً " بكسرِ الهمزةِ وسكون الفاء أي: وَتَخْتَلِقُوْن كذباً أو تَنْحِتُون أصناماً. وعلي بن أبي طالب وزيدُ بن علي والسُّلمي وقتادةُ بفتح الخاءِ واللامِ مشددةً، وهو مضارعُ " تَخَلَّقَ " والأصلُ: تَتَخَلَّقُوْن بتاءَيْن، فَحُذِفَت إحداهما كـ تَنزَّلُ ونحوِه. ورُوي عن زيد بن علي أيضاً " تُخَلِّقُوْن " بضم التاء وتشديد اللام مضارعَ خَلَّق مضعَّفاً.

وقرأ ابن الزُّبير وفضيل بن زُرْقان " أَفِكاً " بفتح الهمزة وكسر الفاء وهو مصدرٌ كالكَذِب معنىً ووزناً. وجَوَّز الزمخشري في الإِفْك بالكسرِ والسكون وجهين، أحدهما: أَنْ يكونَ مخففاً من الأَفِك بالفتح والكسر كالكِذْب واللِّعْب، وأصلُهما الكَذِب واللَّعِب، وأن يكونَ صفةً على فِعْل أي خَلْقاً إفكاً أي: ذا إفك. قلتُ: وتقديرُه مضافاً قبلَ إفْك مع جَعْلِه له صفةً غيرُ محتاجٍ إليه، وإنما كان يُحْتاجُ إليه لو جَعَلَه مصدراً.

قوله: " رِزْقاً " يجوزُ أن يكونَ منصوباً على المصدرِ، وناصبُه " لا يَمْلِكون " لأنَّه في معناه. وعلى أصولِ الكوفيين يجوزُ أَنْ يكونَ الأصلُ: لا يملِكُون أن يَرْزُقوكم رِزْقاً، فـ " أَنْ يَرْزُقوكم " هو مفعولُ " يَمْلكون ". ويجوزُ أَنْ يكونَ بمعنى المَرْزوق، فينتصبَ مفعولاً به.