الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ }

قوله: { مِن قَبْلُ }: إمَّا أَنْ يتعلَّقَ بيَكْفروا، أو بـ " أُوْتِي " أي: مِنْ قبلِ ظهورِك.

قوله: { سِحْرَانِ } قرأ الكوفيون " سِحْران " أي: هما. أي: القرآن/ والتوراة، أو موسىٰ وهارون وذلك على المبالغةِ، جعلوهما نفسَ السِّحْرِ، أو على حَذْفِ مضافٍ أي: ذَوا سِحْرَيْن. ولو صَحَّ هذا لكانَ يَنبغي أن يُفْرَدَ " سِحْر " ولكنه ثُنِّيَ تنبيهاً على التنويع. وقيل: المرادُ موسىٰ ومحمدٌ عليهما السلام أو التوراةُ والإِنجيلُ. والباقون " ساحران " أي: موسىٰ وهارون أو موسى ومحمدٌ كما تقدَّم.

قوله: { تَظَاهَرَا } العامَّةُ على تخفيفِ الظاءِ فعلاً ماضياً صفةً لـ " سِحْران " أو " ساحران " أي: تَعاوَنا. وقرأ الحسن ويحيى بن الحارث الذِّماري وأبو حيوة واليزيدي بشديدِها. وقد لحَّنهم الناسُ. قال ابن خالويه: " تشديدُه لَحْنٌ؛ لأنه فعلٌ ماضٍ. وإنما يُشَدَّد في المضارع ". وقال الهُذَلي: " لا معنىٰ له " وقال أبو الفضل: " لا أعرفُ وجهَه ". وهذا عجيبٌ من هؤلاءِ وقد حُذِفَتْ نونُ الرفع في مواضعَ، حتى في الفصيح، كقولِه عليه السلام: " لا تَدْخلوا الجنةَ حتى تؤْمِنوا ولا تُؤْمنوا حتى تحابُّوا " ولا فرقَ بين كونِها بعد واوٍ وألفٍ أو ياءٍ، فهذا أصلُه " تَتَظاهران " فَأُدْغِم وحُذِفت نونُه تخفيفاً.

وقرأ الأعمش وطلحة وكذا في مصحف عبد الله " اظَّاهَرا " بهمزةِ وصلٍ وشدِّ الظاءِ، وأصلُها " تَظاهرا " كقراءةِ العامةِ، فلمَّا أُريد الإِدغامُ سَكَّنْتَ الأولَ فاجْتُلبَتْ همزةُ الوصل.