الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ }

قوله: { رَدِفَ لَكُم }: فيه أوجهٌ، أظهرُها: أنَّ " رَدِفَ " ضُمِّن معنى فِعْلٍ يتعدَّى باللامِ. أي: دنا وقَرُب وأَزِفَ. وبهذا فسَّره ابنُ عباس و " بعضُ الذي " فاعِلٌ به وقد عُدِّي بـ " مِنْ " أيضاً على تَضْمينِه معنى دَنا، قال:
3580ـ فلمَّا رَدِفْنا مِنْ عُمَيْرٍ وصَحْبِه     توَلَّوْا سِراعاً والمنيَّةُ تُعْنِقُ
أي: دَنَوْنَا مِنْ عُمَيْر. والثاني: أنَّ مفعولَه محذوف، واللامُ للعلةِ أي: رَدِفَ الخَلْقُ لأَجْلكم ولِشُؤْمِكم. والثالث: أنَّ اللامَ مزيدةٌ في المفعولِ تأكيداً لزيادتِها في قولِه:
3581ـ.........................     أَنَخْنا لِلكَلاكِلِ فارْتَمَيْنا
وكزيادةِ الباء في قولِه تعالىٰ:وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } [البقرة: 195] وعلى هذه الأوجهِ الوقفُ على " تَسْتَعجلون ". والرابع: أنَّ فاعل " رَدِفَ " ضميرُ الوعدِ أي: رَدِفَ الوعدُ أي: قَرُبَ ودَنا مُقْتضاه. و " لكم " خبرٌ مقدمٌ و " بعضُ " مبتدأ مؤخرٌ. والوقفُ على هذا على " رَدِفَ " وهذا فيه تفكيكُ للكلامِ. والخامس: أنَّ الفعلَ محمولٌ على مصدرِه أي: الرَّدافةُ لكم، و " بعضُ " على تقديرِ: رَدافةِ بعضٍ، يعني حتى يتطابقَ الخبرُ والمخبرُ عنه. وهذا أضعفُ مِمَّا قبله.

وقرأ الأعرج " رَدَفَ " بفتح الدال وهي لغةٌ، والكسر أشهرُ.