الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ }

قوله: { ٱلأَخْسَرُونَ } في أَفْعَل قولان، أحدهما: ـ وهو الظاهرُ ـ أنَّها على بابِها من التفضيل، وذلك بالنسبةِ إلى الكفَّار من حيث اختلافُ الزمانِ والمكانِ. يعني: أنَّهم أكثرُ خُسْراناً في الآخرةِ منهم في الدنيا، أي: إنَّ خُسْرانَهم في الآخرة أكثرُ من خُسْرانِهم في الدنيا. وقال جماعةٌ منهم الكرماني: " هي هنا للمبالغةِ لا للشِّرْكة؛ لأن المؤمنَ لا خُسْران له في الآخرةِ البتة ". وقد تقدَّم جوابُ ذلك: وهو أنَّ الخسرانَ راجعٌ إلى شيءٍ واحدٍ. باعتبارِ اختلافِ زمانهِ و مكانِه.

وقال ابن عطية: " الأَخْسرون جمع " أَخْسَر " لأنَّ أَفْعَلَ صفةٌ لا يُجْمَعُ، إلاَّ أن يُضافَ فَتَقْوى رتبتُه في الأسماء، وفي هذا نظرٌ ". قال الشيخ: " ولا نظرَ في أنَّه يُجمع جَمْعَ سلامةٍ أو جمعَ تكسيرٍ إذا كان بأل، بل لا يجوزُ فيه إلاَّ ذلك، إذا كان قبله ما يُطابِقُه في الجمعيَّةِ. فتقول: " الزيدون هم الأفضلون والأفاضل " و " الهندات هنَّ الفُضْلَياتُ " ، والفُضُلُ. وأمَّا قوله: " لا يُجْمَعُ إلاَّ أَنْ يُضَافَ " فلا يَتَعَيَّنُ إذ ذاك جَمْعُه، بل إذا أُضيف إلى نكرةٍ لا يجوزُ جَمْعُه، وإن أضيف إلى معرفةٍ جاز في الجمعُ والإِفرادُ ".