الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ }

قوله: { وَأَلْقِ }: عطفٌ على ما قبلَه من الجملةِ الاسميةِ الخبريةِ. وقد تقدَّم أنَّ سيبويهِ لا يَشْترط تناسُبَ الجملِ، وأنه يُجيز " جاء زيدٌ ومَنْ أبوك " وتقدَّمت أدلَّتُه في أول البقرة. وقال الزمخشري: " فإنْ قلتَ علامَ عَطَفَ قولَه: { وَأَلْقِ عَصَاكَ }؟ قلت: على قولِه " بُوْرِكَ " لأنَّ المعنى: نُوْدِيَ أَنْ بُوْرِكَ. وقيل له: أَلْقِ عَصاك. والدليلُ على ذلك قولُه: " وأَنْ أَلْقِ عَصاك " بعد قولِه " يا موسىٰ إنَّه أنا اللهُ " على تكريرِ حرفِ التفسيرِ كما تقول: " كتْبْتُ إليه أَنْ حُجَّ واعْتَمِرْ " وإنْ شِئْتَ: أَنْ حُجَّ وأَنِ اعْتَمِرْ ". قال: الشيخ: " وقولُه: " إنه معطوفٌ على " بُوْرِكَ " منافٍ لتقديرِه " وقيل له: " أَلْقِ عصاك " لأَنَّ هذه جملةٌ معطوفةٌ على " بُوْرِكَ " وليس جُزْؤها الذي هو معمول " وقيل " معطوفاً على " بُوْرِكَ " ، وإنما احتاج إلى تقديرِ " وقيل له: أَلْقِ " لتكونَ جملةً خبريةً مناسِبَةً للجملةِ الخبريةِ التي التي عُطِفَتْ عليها. كأنه يَرَىٰ في العطفِ تناسُبَ الجملِ المتعاطفةِ. والصحيحُ أنَّه لا يُشْتَرَطُ ذلك " ثم ذكرَ مذهبَ سيبويه.

قوله: { تَهْتَزُّ } جملةٌ حاليةٌ مِنْ هاء " تَراها " لأنَّ الرؤيةَ بَصَرِيَّةٌ.

قوله: { كَأَنَّهَا جَآنٌّ } يجوزُ أَنْ تكونَ حالاً ثانيةً، وأَنْ تكونَ حالاً من ضمير " تَهْتَزُّ " فتكونَ حالاً متداخلةً. وقرأ الحسن والزهري وعمرو بن عبيد " جَأَنٌّ " بهمزةٍ مكانَ الألفِ، وتقدَّم تقريرُ هذا في آخرِ الفاتحةِ عندوَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } [الفاتحة: 7].

قوله: { وَلَمْ يُعَقِّبْ } يجوز أن يكونَ عطفاً على " وَلَّىٰ " ، وأَنْ يكونَ حالاً أخرىٰ. والمعنى: لم يَرْجِعْ على عَقِبِه. كقوله:
3542ـ فما عَقَّبوا إذ قيلَ: هل مَنْ مُعَقِّبٍ     ولا نَزَلُوا يومَ الكَريهةِ مَنْزِلا