الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ }

قوله: { قَوْمَ فِرْعَوْنَ }: بدلٌ أو عطفُ بيانٍ للقومِ الظالمين. وقال أبو البقاء: " إنه مفعولٌ " تَتَّقون " على قراءةِ مَنْ قرأ " تتقون " بالخطاب وفتح النون كما سيأتي. ويجوز على هذه القراءةِ أن يكونَ منادىٰ ".

قوله: { أَلا يَتَّقُونَ } العامَّةُ على الياء في " يتَّقون " وفتحِ النون، والمرادُ قومُ فرعونَ. والمفعولُ محذوفٌ أي: يتقون عقابَ. قرأ عبد الله بن مسلم ابن يسار وحماد وشقيق بن سلمة بالتاء من فوق على الالتفات، خاطبهم بذلك توبيخاً، والتقدير: يا قومَ فرعونَ/ وقرأ بعضُهم " يتقونِ " بالياءِ مِنْ تحتُ وكسرِ النونِ. وفيها تخريجان، أحدهما: أنَّ يتَّقونِ " مضارعٌ، ومفعولُه ياءُ المتكلم، اجتُزِىءَ عنها بالكسرةِ. الثاني: ـ جَوَّزَه الزمخشري ـ أن تكونَ " يا " للنداء. و " اتقون " فعلُ أمرٍ كقوله: " ألا يا اسْجدوا " أي يا قومِ اتقونِ. أو ياناسُ اتقونِ. وسيأتي تحقيقُ مثلِ هذا في النمل. وهذا تخريجٌ بعيد.

وفي هذه الجملةِ وجهان، أحدُهما: أنها مستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإِعرابِ. وجَّوزَ الزمخشري أن تكونَ حالاً من الضمير في الظالمين أي: يَظْلِمون غيرَ متقين اللهَ وعقابَه. فأُدْخلت همزةُ الإِنكارِ على الحالِ. وخطَّأه الشيخ من وجهين، أحدهما: أنه يلزَمُ منه الفصلُ بين الحالِ وعامِلها بأجنبيّ منهم، فإنه أعربَ " قومَ فرعون " عطفَ بيانٍ للقوم الظالمين. والثاني: أنه على تقديرِ تسليمِ ذلك لا يجوزُ أيَضاً؛ لأنَّ ما بعد الهمزةِ لا يعمل فيه ما قبلها. قال: " وقولك: جئت أمسرعاً " إن جعلت " مسرعاً " معمولاً لـ جئت لم يَجُزْ فإنْ أضمرْتَ عاملاً جاز.

والظاهرُ أن " ألا " للعرض. وقال الزمخشري: " إنها لا النافيةُ دخلت عليها همزةُ الإِنكار ". وقيل: هي للتنبيهِ.