الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

قوله: { لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ }: جوابُها محذوفٌ لدلالةِ ما تقدَّم. أي: لولا دعاؤُكم ما عَنَى بكم ولا اكترَثَ. و " ما " يجوزُ أَنْ تكونَ نافيةً. وهو الظاهرُ. وقيل: استفهاميةٌ بمعنى النفي، ولا حاجةَ إلى التجوُّزِ في شيءٍ يَصِحُّ أَنْ يكونَ حقيقةً بنفسه. و " دعاؤُكم ": يجوز أن يكونَ مضافَاً للفاعلِ أي: لولا تَضَرُّعُكم إليه. ويجوزُ أَنْ يكونَ مضافاً للمفعول أي: لولا دعاؤُه إيَّاكم إلى الهدى. ويقال: ما عَبَأْتُ بك أي: ما اهتَمَمْتُ ولا اكتَرَثْتُ. ويقال: عَبَأْتُ الجيشَ وعَبَّأته أي: هَيَّأْتُه وأَعْدَدْتُه، والعِبْء: الثِّقَلُ.

قوله: { لِزَاماً } خبرُ " يكون " واسمُها مضمرٌ أي: يكون العذابُ ذا لِزام. واللِّزام: بالكسرِ مصدرٌ كقوله:
3503ـ فإمَّا يَنْجُوَا مِنْ حَتْفِ أرضٍ     فقد لَقِيا حُتوفَهما لِزاما
وقرأ المنهال وأبان بن تغلب وأبو السمَّال " لَزاماً " بفتح اللامِ. وهو مصدرٌ أيضاً نحو: البَيات. وقرأ أبو السمَّالَ أيضاً " لَزامِ " بكسر الميم كأنه جَعَله مصدراً معدولاً نحو: " بَدادِ " فبَناه على لغةِ الحجاز فهو معدولٌ عن اللزَمةِ كفَجارِ عن الفَجْرة قال:
3504ـ إنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بينَنا     فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجارِ