قوله: { مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } مفعولا الاتِّخاذِ مِنْ غيرِ تقديمٍ ولا تأخيرٍ لاستوائِهما في التعريفِ، وقال الزمخشري: " فإن قلتَ: لِمَ أَخَّر " هواه " والأصلُ قولُك: اتَّخذ الهوىٰ إلَهاً "؟ قلت: ما هو إلاَّ تقديمُ المفعولِ الثاني على الأولِ للعنايةِ به، كما تقولُ " عَلِمْتُ منطلقاً زيداً " لفضلِ عنايتِك بالمنطَلقِ ". قال الشيخ: " وادِّعاءُ القلبِ ـ يعني التقديمَ ـ ليس بجيدٍ لأنَّه من ضرائرِ الأشعارِ ". قلت: قد تقدَّم فيه ثلاثةُ مذاهبَ. على أنَّ هذا ليس من القلبِ المذكورِ في شيء، إنما هو تقديمٌ وتأخيرٌ فقط. وقرأ ابن هرمز " إلاهَةً هواه " على وزن فِعالة. والإَهة بمعنى: المألوه، والهاءُ للمبالغةِ كعلاَّمَة ونسَّابة. وإلاهَةً مفعولٌ ثانٍ قُدِّم لكونِه نكرةً، ولذلك صُرِفَ. وقيل: الإَهَةً هي الشمسُ. ورُدَّ هذا: بأنَّه كان ينبغي أن يمتنعَ من الصرفِ للعلميةِ والتأنيث. وأُجيب بأنها تدخُل عليها أل كثيراً فلمَّا نُزِعَتْ منها صارَتْ نكرةً جاريةً مَجْرىٰ الأوصافِ. ويُقال: أُلاهَة بضمِّ الهمزةِ أيضاً اسماً للشمس. وقرأ بعضُ المدنيين " آلهةً هواه " جمع إلَه، وهو أيضاً مفعولٌ مقدَّمٌ، وجمُِع باعتبارِ الأنواعِ، فقد كان الرجلُ يعبُدُ آلهةً شَتى. ومفعولُ " أرأيتَ " الأولِ " مَنْ " ، والثاني: الجملةُ الاستفهاميةُ.