الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً }

قوله: { جُمْلَةً }: حالٌ من القرآن، إذ هي في معنى مُجْتمعاً.

قوله: { كَذَلِكَ } إمَّا مرفوعةٌ المَحَلِّ أي: الأمرُ كذلك. و " لِنُثَبِّتَ " علةٌ لمحذوفٍ أي: لِنُثَبِّتَ فَعَلْنا ذلك. وإمَّا منصوبتُه على الحالِ أي: أنزل مثلَ ذلك، أو على النعت لمصدر محذوفٍ، و " لِنُثَبِّتَ " متعلقٌ بذلك الفعلِ المحذوفِ. وقال أبو حاتمٍ: " هي جوابُ قسمٍ " وهذا قولٌ مرجُوْحٌ نحا إليه الأخفش وجَعَلَ منه " ولِتَصْغَىٰ " ، وقد تقدَّم في الأنعام.

وقرأ عبد الله " لِيُثَبِّتَ " بالياءِ أي: اللهُ تعالىٰ.

والتَّرْتيل: التفريقُ. ومجيءُ الكلمةِ بعد الأخرىٰ بسكونٍ يسيرٍ دونَ قَطْع النَّفَسِ. ومنه ثَغْرٌ رَتْلٌ ومُرَتَّل أي: مُفَلَّجُ الأسنان، بين أسنانِه فُرَجٌ يسيرةٌ.

قال الزمخشري: " ونُزِّل هنا بمعنىٰ: أَنْزَل لا غير كـ خَبَّر بمعنى أَخْبر، وإلاَّ تدافَعا " يعني أنَّ " نَزَّلَ " بالتشديدِ يقتضي بالأصالةِ التنجيمَ والتفريق، فلو لم يُجْعَلْ بمعنى أنزل الذي لا يقتضي ذلك لتدافعَ مع قولِه " جُمْلَةً " لأنَّ الجملةَ تُنَافي التفريقَ، وهذا بناءً منه على معتقدِه وهو أنَّ التضعيفَ يَدُلُّ على التفريقِ. وقد نَصَّ على ذلك في مواضعَ من كتابة " الكشاف ". وتقدَّم ذلك في البقرةِ وأولِ آل عمران وآخرِ الإِسراء، وحكى هناك عن ابنِ عباس ما يُقَوِّي ظاهرُه صحتَه.