الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً }

قوله: { هَبَآءً }: الهَباءُ والهَبْوَة: الترابُ الدقيق قاله ابن عرفة. قال الجوهري: " يُقال منه: هبا يَهْبو إذا ارتفع وَأَهْبَيْتُه أنا إهْباءً ". وقال الخليل والزجَّاج: " هو مثلُ الغبارِ الداخلِ في الكُوَّة يتراءَى مع ضوءِ الشمس ". وقيل: الهَباء ما تطايَرَ مِنْ شَرَرِ النارِ إذا أُضْرِمَتْ. والواحدةُ هَباءة على حَدّ تَمْر وتمرة. ومَنْثوراً أي مُفَرَّقاً، نَثَرْتُ الشيء: فَرَّقْتُه. والنَّثْرَة: لنجومٍ متفرقة. والنَّثْرُ: الكلامُ غيرُ المنظوم على المقابلةِ بالشعرِ. وفائدةُ الوصفِ به أنَّ الهباءَ تراه منتظماً مع الضوء/ فإذا حَرَّكْتُه تَفَرَّقَ فجِيِْءَ بهذه الصفةِ لتفيدَ ذلك. وقال الزمخشري: " أو مفعولٌ ثالثٌ لجَعَلْناه أي: فَجَعَلْناه جامِعاً لحقارةِ الهَباء والتناثُرِ كقوله تعالىٰ:كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [البقرة: 65] أي: جامعين للمَسْخِ والخَسْءِ ". قال الشيخ: " وخالَفَ ابنُ درستويه، فخالف النحويين في مَنْعِه أن يكونَ لكان خبران وأزيدُ، وقياسُ قولِه في " جَعَلَ " أَنْ يمنعَ أن يكونَ لها خبرٌ ثالث ". قلت: مقصودُه أنَّ كلامَ الزمخشريِّ مردودٌ قياساً على ما مَنَعَه ابنُ درستويه مِنْ تعديدِ خبر " كان ".