الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }

قوله: { وَمَعِينٍ }: صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ أي: وماءٍ مَعِيْنٍ. وفيه أحدهما: أنَّ ميمَه زائدةٌ، وأصله مَعْيُوْن أي: مُبْصَرٌ بالعينِ، فأُعِلَّ إعْلالَ " مبيع " وبابه، وهو مثلُ قولِهم " كَبَدْتُه " أي ضربْتُ كَبِدَه، ورَأَسْتُه أي: أصبتُ رأسَه، وعِنْته أي: أدركتُه بعيني. ولذلك أدخلَه الخليلُ في مادة ع ي ن. والثاني: أن الميمَ أصليةٌ، ووزنُه فَعيل مشتقٌّ من المَعْن. واختُلِف في المَعْن فقيل: هو الشيءُ القليلُ ومنه الماعُون. وقيل: هو مِنْ مَعَنَ الشيءُ مَعانَةً أي كَثُر. قال جرير:
3418ـ إنَّ الذين غَدَوْا بِلُبِّك غادَروا     وَشَلاً بعينِك لا يَزال مَعيناً
وقال الراغب: " وهو مِنْ مَعَن الماءُ: جرىٰ " وسمَّىٰ مجاري الماءِ مُعْنان. " وأمعنَ الفرس: تباعَدَ في عَدْوِه، وأَمْعَنَ بحقي ذهبَ به، وفلان مَعَنٌ في حاجته ". يعني سريعاً. قلت: كلُّه راجعٌ إلى معنى الجَرْيِ والسُّرْعة.