الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ }

قوله: { عَمَّا قَلِيلٍ }: في " ما " هذه وجهان، أحدهما: أنها مزيدةٌ بينَ الجارِّ ومجرورِه للتوكيدِ كما زِيْدَتْ في الباءِ نحو:فَبِمَا رَحْمَةٍ } [آل عمران: 159]. وفي " مِنْ " نحومِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ } [نوح: 25]. و " قليلٍ " صفةٌ لزمنٍ محذوفٍ أي عَنْ زمنٍ قليل.

والثاني: أنها غيرُ زائدةٍ بل هي نكرةٌ بمعنى شيء أو زمن. و " قليل " صفتُها أو بدلٌ منها. وهذا الجارُّ فيه ثلاثةُ أوجهٍ. أحدُها: أنَّه متعلقٌ بقولِه: { لَّيُصْبِحُنَّ } أي لَيُصْبِحُن عن زمنٍ قليل نادمين. والثاني: أنه متعلقٌ بـ " نادمين ". وهذَا على أحدِ الأقوالِ في لام القسم، وذلك أنَّ فيها ثلاثةَ أقوال: جوازَ تقديمِ معمولِ ما بعدها عليها مطلقاً. وهو قول الفراء وأبي عبيدة. والثاني: المَنْعُ مطلقاً وهو قولُ جمهورِ البصريين. والثالث: التفصيلُ بين الظرفِ وعديلِه، وبين غيِرهما، فيجوزُ فيهما الاتساعُ، ويمتنعُ في غيرِهما، فلا يجوز في: " والله لأضربنَّ زيداً ": " زيداً لأضرِبَنَّ " لأنه غيرُ ظرفٍ ولا عديلِه.

والثالث من الأوجه المتقدمة: أنَّه متعلقٌ بمحذوفٍ تقديرُه: عَمَّا قليلٍ نُنْصَرُ حُذِف لدلالةِ ما قبلَه عليه. وهو قولُه " رَبِّ انْصُرْني ".

وقرىء " لَتُصْبِحُنَّ " بتاءِ الخطابِ على الالتفاتِ، أو على أن القولَ صدرَ من الرسولِ لقومِه بذلك.