الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ }

قوله: { عَبَثاً }: في نصبه وجهان، أحدهما: أنه مصدرٌ واقعٌ موقعَ الحالِ أي: عابثين. الثاني: أنه مفعولٌ مِنْ أجله أي: لأجل العَبَثِ. والعَبَثُ: اللَّعِبُ وما لا فائدةَ فيه وكلُّ ما ليس له غَرَضٌ صحيحٌ. يقال: عَبَثَ يَعْبَثُ عَبَثاً إذا خَلَط عَمَلَه بلَعِبٍ. وأصله من قولِهم: عَبَثْتُ الأَقِطَ أي: خَلَطْتُه. والعَبِيْثُ طعام مخلوط بشيء، ومنه العَوْبَثَانِيُّ لتمر وسَوِيْقٍ وسمن مختلط.

قوله: { وَأَنَّكُمْ } يجوز أَنْ يكونَ معطوفاتً على { أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ } فيكونُ الحُسْبانُ منسحباً عليه، وأن يكون معطوفاً على " عبثاً " إذا كان مفعولاً مِنْ أجله. قال الزمخشري: " ويجوزُ أَنْ يكونَ معطوفاً على " عبثاً " أي: للعبث ولتَرْكِكِم غيرَ مرجوعين ". وقدَّم " إلينا " على " تُرْجَعون " لأجل الفواصلِ.

قوله: { لاَ تُرْجَعُونَ } هو خبر " أنَّكم ". وقرأ الأخوان " تَرْجِعُون " مبنياً للفاعل. والباقون مبنياً للمفعول. وقد تقدَّم أنَّ " رَجَعَ " يكون لازماً ومتعدياً. وقيل: لا يكون إلاَّ متعدِّياً والمفعولُ محذوفٌ.