الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ }

قوله: { لِّيَجْعَلَ }: في متعلَّق هذه اللامِ ثلاثةُ أوجهٍ، أظهرُها: أنها متعلقةٌ بـ " يُحْكِم " أي: يُحْكِم اللهُ آياتِه ليجعلَ. وقولُه: { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } جملةُ اعتراضٍ. وإليه نحا الحوفيُّ. والثاني: أنها متعلقةٌ بـ " يَنْسَخُ " وإليه نحا ابن عطية. وهو ظاهرٌ أيضاً. الثالث: أنها متعلقةٌ بأَلْقَىٰ، وليس بظاهر. وفي اللامِ قولان، أحدهما: أنها للعلةِ، والثاني: أنها للعاقبةِ. و " ما " في قولِه { مَا يُلْقِي } الظاهرُ: أنَّها/ بمعنى الذي، ويجوزُ أَنْ تكونَ مصدريةً.

قوله: { وَٱلْقَاسِيَةِ } أل في " القاسية " موصولةٌ، والصفةُ صلتُها، و " قلوبُهم " فاعلٌ بها، والضميرُ المضافُ إليه هو عائدُ الموصول وأُنِّثَتْ الصلةُ لأنَّ مرفوعَها مؤنثُ مجازي، ولو وُضع فعلٌ موضعَها لجاز تأنيثُه. و " القاسيةِ " معطوفٌ على " الذين " أي: فتنةً للذين في قلوبِهم مَرَضٌ وفتنةً للقاسيةِ قلوبُهم.

قوله: { وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ } مِنْ وَضْع الظاهرِ مَوْضِعَ المضمرِ؛ إذ الأصلُ: " وإنهم في ضلال " ولكن أُبْرِزُوا ظاهرين للشهادةِ عليهم بهذه الصفةِ الذَّميمةِ.