قوله: { مِّنَ ٱلْبَعْثِ }: يجوزُ أن يتعلَّق بـ " ريب " ، ويجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لـ ريب. وقرأ الحسن " البَعَث " بفتح العينِ. وهي لغة كالطَّرَدِ والجَلَب في الطَّرْد والجَلْب بالسكون. قال الشيخ: " والكوفيون إسكانُ العينِ عندهم تخفيفٌ [يقيسونه] فيما وسطَه حرفُ حلقٍ كالنَّهْرِ والنَّهَر والشّعْرِ والشَّعَر، والبَصْريون لا يقيسونه، وما وَرَدَ من ذلك هو عندهم ممَّا جاء فيه لغتان " قلت: فهذا يُوْهِمُ ظاهرُه أنَّ الأصلَ البَعَث بالفتح، وإنما خُفِّف، وليس الأمرُ كذلك، وإنما مَحَلُّ النزاع إذا سُمِع الحلقيُّ مفتوحَ العين: هل يجوزُ تسكينُه أم لا؟ لا أنه كلُّ ما جاء ساكنَ العينِ من الحَلْقِيِّها يُدَّعى أن أصلَها الفتحُ كما هو ظاهرُ عبارتِه. قوله: { مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } العامَّةُ على الجرِّ في " مُخَلَّقةٍ " ، وفي " غير " ، على النعت. وقرأ ابن أبي عبلة بنصبِهما على الحالِ من النكرةِ، وهو قليلٌ جداً وإن كان سيبويه قاسه. والعَلَقَةُ: القطعةُ من الدم الجامدة. وعن بعضهم ـ وقد سُئِل عن أصعبِ الأشياءِ ـ فقال: " وَقْعَ الزَّلَقِ على العَلَق " أي: على دمِ القتلىٰ في المعركة. والمُضْغَةُ: القطعةُ من اللحمِ قَدْرَ ما تُمضَغُ نحو: الغُرفة والأُكْلة بمعنى: المغروفة والمأكولة. والمُخَلَّقَةُ: المَلْساء التي لا عَيْبَ فيها مِنْ قولهم: صخرةٌ خَلْقاءُ أي: مَلْساء. وخَلَقْتُ السِّواك: سَوَّيْتُه ومَلَسْتُه. وقيل: التضعيفُ في " مُخَلَّقَة " دلالةٌ على تكثيرِ الخَلْق لأنَّ الإِنسانَ ذو أعضاءٍ متباينةٍ وخُلُقٍ متفاوتةٍ. قاله الشعبي وقتادة وأبو العالية. وهو معنى حسنٌ. قوله: { وَنُقِرُّ } العامَّةُ على رفع " ونُقِرُّ " لأنه مستأنفٌ، وليس علةً لما قبلَه فينتصبَ نَسَقاً على ما تقدَّمه. وقرأ يعقوب وعاصم في روايةٍ بنصبه. قال أبو البقاء: " على أَنْ يكونَ معطوفاً في اللفظ، والمعنى مختلف؛ لأنَّ اللامَ في " لُنبِيِّنَ " للتعليل، واللامَ المقدرةَ من " نُقِرُّ " للصيرورة " وفيه نظرٌ؛ لأنَّ قولَه " معطوفاً في اللفظ " يَدْفعه قولُه: " واللامُ المقدرة " فإنَّ تقديرَ اللام يقتضي النصبَ بإضمارِ " أَنْ " بعدها لا بالعطفِ على ما قبله. وعن عاصم أيضاً " ثم نُخْرِجَكم " بنصب الجيم. وقرأ ابن أبي عبلة " ليبيِّنَ ويَقِرُّ " بالياء من تحتُ فيهما، والفاعلُ هو اللهُ تعالىٰ كما في قراءة النون. وقرأ يعقوب في رواية " ونَقُرُّ " بفتح النون وضم القاف ورفع الراء، مِنْ قَرَّ الماءَ يَقُرُّه أي: صَبَّه. وقرأ أبو زيد النحوي " ويَقِرَّ " بفتح الياءِ من تحتُ وكسرِ القاف ونصبِ الراء أي: وَيقِرَّ الله. وهو مِنْ قرَّ الماء إذا صبَّه. وفي " الكامل " لابن جبارة " لِنُبَيِّن ونُقِرَّ ثم نُخْرِجَكم " بالنصبِ فيهنَّ ـ يعني وبالنون في الجميع ـ المفضل.