الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ }

قوله: { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا }: يجوز أن تكونَ " كأيِّنْ " منصوبةً المحل على الاشتغالِ بفعلٍ مقدرٍ يُفَسره " أهلكناها " وأَنْ يكونَ في محلِّ رفعٍ بالابتداءِ، والخبر " أَهْلكناها ". وقد تقدَّم تحقيقُ القولِ فيها.

قوله: { وَهِيَ ظَالِمَةٌ } جملةٌ حالية مِنْ هاء " أَهْلكناها ".

قوله: { فَهِيَ خَاوِيَةٌ } عطفٌ على " أَهْلَكْناها " ، فيجوزُ أن تكونَ في محلِّ رفعٍ لعطفِها على الخبر على القول الثاني، وأنْ لا يكونَ لها محلٌّ لعطفِها على الجملةِ المفسِّرة على القول الأول. وهذا عنى الزمخشريُّ بقوله: " والثانيةُ ـ يعني قولَه: { فَهِيَ خَاوِيَةٌ } ـ لا محلَّ لها لأنها معطوفةٌ على " أهلكناها " ، وهذا الفعلُ ليس له محلٌ تفريعاً/ على القولِ بالاشتغالِ. وإلاَّ فإذا قلنا: إنه خبرٌ لـ " كأيِّن " كان له محلٌّ ضرورةً.

وقرأ أبو عمروٍ " أهلكتُها ". والباقون " أَهْلكناها " وهما واضحتان.

قوله: { وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ } عطفٌ على " قريةٍ " ، وكذلك و " قَصْرٍ " أي: وكأيِّن من بئرٍ وقصرٍ أَهْلكناها أيضاً، هذا هو الوجهُ. وفيه وجهٌ ثانٍ: أَنْ تكونَ معطوفةً وما بعدها على " عروشِها " أي: خاوية على بئرٍ وقصرٍ أيضاً. وليس بشيءٍ.

والبِئْرُ: مِنْ بَأَرْتُ الأرض أي حفرتُها. ومنه " التَّأْبِير " وهو شَقُّ...... الطلع. والبِئْر فِعْل بمعنى مَفْعول كالذِّبْح بمعنى المَذْبوح وهي مؤنثةٌ، وقد تُذَكَّرُ على معنى القليب. وقوله:
3395ـ.......................     وبِئْري ذو حَفَرْتُ وذو طَوَيْتُ
يَحتمل التذكيرَ والتأنيثَ. والمُعَطَّلَةُ: المُهْملة، والتعطيل: الإِهمال. وقرىء " مُعْطَلَةٍ " بالتخفيف يقال: أَعْطَلْتُ البئر وعَطَّلْتُها فَعَطَلَت بفتح الطاء، وأما عَطِلَتْ المرأةُ من الحُلِيَّ فبكسرِ الطاءِ. والمَشِيْدُ: قد تَقدَّم أنه المرتفعُ أو المُجَصَّصُ. وإنما بني هنا مِنْ شادَه، وفي النساء مِنْ شَيَّده؛ لأنه هناك بعد جمعٍ فناسَبَ التكثيرَ، وهنا بعد مفردٍ فناسَب التخفيفَ، ولأنه رأسُ آيةٍ وفاصلةٍ.