الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ }

قوله: { ذٰلِكَ }: إعرابُه كإعرابِ " ذلك " المتقدمِ وتقدَّم تفسيرُ " الشَّعيرة " واشتقاقُها في المائدة.

قوله: { فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ } في هذا الضميرِ وجهان، أحدُهما: أنه ضميرُ الشعائرِ، على حَذْفِ مضافٍ. أي: فإن تعظيمَها مِنْ تقوىٰ القلوبِ. والثاني: أنه ضميرُ المصدرِ المفهومِ من الفعل قبلَه أي: فإنَّ التعظيمةَ مِنْ تقوى القلوب. والعائدُ على اسمِ الشرط من هذه الجملةِ الجزائيةِ مقدرٌ، تقديرُه: فإنها مِنْ تَقَوى القلوب منهم. ومَنْ جوَّز إقامةَ أل مُقام الضميرِ ـ وهم الكوفيون ـ أجاز ذلِك هنا، والتقدير: مِنْ تقوى قلوبِهم، كقوله:فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } [النازعات: 41] وقد تقدَّم تقريرُه. وقال الزمخشري: أي فإنَّ تعظيمَها من أفعالِ ذوي تقوىٰ القلوبِ فحُذِفَتْ هذه المضافاتُ، ولا يَسْتقيمُ المعنى إلاَّ بتقديرِها؛ لأنه لا بُدَّ من راجعٍ من الجزاء إلى " مَنْ " لتَرْتَبِط به " قال الشيخ: " وما قَدَّره عارٍ من راجعٍ من الضميرِ من الجزاء إلى " مَنْ ". ألا ترى أنَّ قولَه " فإنَّ تعظيمَها من أفعال ذوي تقوى القلوب " ليس في شيءٍ منه ضميرٌ يَرْجِعُ من الجزاء إلى " مَنْ " يربطه به. وإصلاحُه أن يقولَ: فإنَّ تعظيمَها منه، فالضميرُ في " منه " عائدٌ على " مَنْ ".

والعامَّة على خفض " القلوب ". وقُرىء برفعِها فاعلةً للمصدرِ قبلها وهو " تقوىٰ ".