قوله: { مَن كَانَ }: يجوزُ أَنْ تكونَ شرطيةً، وهو الظاهرُ، وأَنْ تكونَ موصولةً. وقوله: { فَلْيَمْدُدْ } إمَّا جزاءٌ للشرط أو خبرٌ للموصولِ، والفاءُ للتشبيه بالشرطِ. والجمهورُ على كسرِ اللام مِنْ " لِيَقْطَعْ " وسَكَّنها بعضُهم، كما سَكَّنها بعد الفاءِ والواوِ لكونِهنَّ عواطفَ. وكذلك أَجْرَوْا " ثم " مُجْراهما في تَسكينِ هاء " هو " و " هي " بعدها، وهي قراءةُ الكسائي ونافعٍ في رواية قالون عنه. قوله: { هَلْ يُذْهِبَنَّ } الجملةُ الاستفهاميةُ في محلِّ نصبٍ على إسقاطِ الخافضِ؛ لأنَّ النظرَ يُعَلَّقُ بالاستفهام، وإذا كان بمعنى الفكر تَعَدَّى بـ في. وقوله: { مَا يَغِيظُ } " ما " موصولةٌ بمعنى الذي، والعائدُ هو الضميرُ المسستر. و " ما " وصلتُها مفعولٌ بقوله " يُذْهِبَنَّ " أي: هل يُذْهِبَنَّ كيدُه الشيءَ الذي يَغِيْظُه. فالمرفوعُ في يَغيظه عائدٌ على الذي، والمنصوبُ على مَنْ كان يظن. وقال الشيخ: " وما في " ما يَغيظ " بمعنى الذي، والعائدُ محذوفٌ أو مصدريةٌ ". قلت: كلا هذين القولينِ لا يَصِحُّ. أمَّا قولُه: " العائدُ محذوفٌ " فليس كذلك، بل هو مضمرٌ مستترٌ في حكم الموجودِ ـ كما تقدَّم تقريرُه قبلَ ذلك ـ وإنما يُقال محذوفٌ فيما كان منصوبَ المحلِّ أو مجرورَه. وأمَّا قولُه: " أو مصدريةٌ " فليس كذلك أيضاً؛ إذ لو كانت مصدريةً لكانت حَرْفاً على الصحيح، وإذا كانَتْ حرفاً لم يَعُدْ عليها ضميرٌ، وإذا لم يَعُدْ عليها ضميرٌ بقي الفعل بلا فاعلٍ. فإن قلتَ: أُضْمِرُ في " يَغيظ " ضميراً فاعلاً يعود على مَنْ كان يظنُّ. فالجواب: أنَّ مَنْ كان يظنُّ، في المعنى مَغِيظٌ لا غائظٌ، وهذا بحثٌ حسنٌ فتأمَّلْه/. والضمير في " يَنْصُرَه " الظاهرُ عَوْدُه على " مَنْ " وفُسِّر النصرُ بالرزقِ. وقيل: يعودُ على الدينِ والإِسلامِ فالنصرُ على بابه.