قوله: { وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ }: يجوز أَنْ ينتصِبَ نَسَقاً على ما قبلَها، وأن ينتصِبَ بإضمارِ اذكُرْ، وأن يرتفعَ بالابتداء، والخبرُ محذوف أي: وفيما يُتْلى عليكم التي أحصنت. ويجوز أن يكونَ الخبرُ " فنفَخْنا " وزِيْدَت الفاءُ على رأي الأخفش نحو: " زيدٌ فقائمٌ ". وفي كلامِ الزمخشري " فَنَفَخْنا الروحَ في عيسى فيها ". قال الشيخ مؤاخِذاً له: " فاستعمل " نَفَخَ " متعدياً ". والمحفوظُ أنه لا يَتَعَدَّىٰ فيحتاج في تَعَدِّيه إلى سماعٍ، وغيرَ متعدٍّ استعمله هو في قولِه " أي: نَفَخَتْ في المِزْمار " انتهىٰ ما واخَذَه به. قلت: وقد سُمِعَ " نَفَخَ " متعدياً. ويَدُلُّ على ذلك ما قُرِىء في الشاذ " فأنفخها فيكونُ طائراً " وقد حكاها هو قراءةً فكيف يُنْكِرُها؟ فعليك بالالتفات إلى ذلك. قوله: { آيَةً } إنما لم يطابِقْ المفعولَ الأولَ فيُثَنَّي الثاني؛ لأنَّ كلاً منهما آيةٌ بالآخر فصارا آيةً واحدة. أو نقولُ: إنَّه حُذِف من الأولِ لدلالةِ الثاني، أو بالعكس أي: وَجَعْلنا ابنَ مريمَ آيةً. وأمَّه كذلك. وهو نظيرُ الحذفِ في قولِه{ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } [التوبة: 62] وقد تقدَّم.