الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ }

قوله: { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ }: قرأ العامَّةُ " نُكِسُوا " مبنياً للمفعول مخففةَ الكاف أي: نَكَسَهم اللهُ أو خَجَّلهم. و { عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ } حالٌ أي: كائنين على رؤوسهم. ويجوز أن يتعلَّق بنفسِ الفعل.

والنَّكْسُ والتَّنْكيسُ: القَلْبُ يقال: نَكَس رأسَه ونَكَّسه مخففاً ومشدداً أي: طَأطأه حتى صار أعلاه أسفله. وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة وابن الجارود وابن مقسم " نُكِّسوا " بالتشديد. وقد تقدَّم أنه لغةٌ في المخفف، فليس التشديدُ لتعديةٍ ولا تكثيرٍ. وقرأ رضوان بن عبد المعبود " نَكَسُوا " مخففاً مبنياً للفاعل، وعلى هذا فالمفعولُ محذوفٌ تقديرُه: نَكَسوا أنفسَهم على رؤوسهم.

قولهم: { لَقَدْ عَلِمْتَ } هذه الجملةُ جوابُ قسمٍ محذوفٍ، والقسمُ وجوابُه معمولان لقولٍ مضمرٍ، وذلك القولُ المضمرُ حالٌ من مرفوع " نُكِسُوا " أي: نُكِسُوا قائلين واللهِ لقد علمتَ.

قوله: { مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } يجوز أَنْ تكونَ " ما " هذه حجازيةً فيكونَ " هؤلاء " اسمَها و " يَنْطِقون " في محلِّ نصب خبرَها، أو تميميةً فلا عملَ لها. والجملةُ المنفيةُ بأَسْرِها سادَّةٌ مَسَدَّ المفعولَيْنِ، إن كانت " عَلِمْتَ " على بابِها، ومَسَدَّ واحدٍ إن كانَتْ عِرْفانية.