الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْيِ وَلاَ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ }

قوله: { وَلاَ يَسْمَعُ }: قرأ ابنُ عامر هنا " ولا تُسْمِعُ " بضمِّ التاءِ للخطابِ وكسر الميم، " الصُّمَّ الدعاءَ " منصوبين. وقرأ ابنُ كثير كذلك في النمل والروم. وقرأ باقي السبعةِ بفتح ياء الغَيْبة والميمِ، " الصُّمُّ " بالرفع، " الدعاءَ " بالنصب في جميع القرآن.

وقرأ الحسن كقراءة ابن عامر إلاَّ أنه بياءِ الغَيْبة وروى عنه ابنُ خالويه " ولا يُسْمَعُ " بياءٍ الغيبة مبنياً للمفعول، " الصُّمُّ " رفعاً، " الدعاءَ " نصباً. ورُوي عن أبي عمرو بن العلاء " ولا يُسْمِعُ " بضمِّ الياءِ مِنْ تحتُ وكسرِ الميمِ " الصُّمَّ " ، نصباً " الدعاءُ " رفعاً.

فأمَّا قراءةُ ابنِ عامر وانب كثير فالفاعل فيها ضميرُ المُخاطبِ وهو الرسولُ عليه السلام، فانتصب " الصُّمَّ " و " الدعاءَ " على المفعولين، وأَوَّلُهما هو الفاعلُ المعنوي. وأمَّا قراءةُ الجماعةِ فالفعلُ مسندٌ لـ " الصُّمَّ " فانتصب الدعاء مفعولاً به/ وأمَّا قراءةُ الحسنِ الأولى فَأُسْند الفعلُ فيها إلى ضميرِ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم. وهي كقراءةِ ابنِ عامر في المعنى. وأمَّا قراءتُه الثانيةُ فإنه أُسْنِدَ الفعلُ فيها إلى " الصُّمُّ " قائماً مقامَ الفاعلِ، فانتصب الثاني وهو " الدعاء ".

وأمَّا قراءةُ أبي عمرو فإنه أُسْند الفعلُ فيها إلى الدعاء على سبيل الاتساع، وحُذِف المفعولُ الثاني للعلمِ به. والتقديرُ: ولا يُسْمِعُ الدعاءُ الصمَّ شيئاً البتة. ولمَّا وصل أبو البقاء هنا قال: " ولا يَسْمَعُ " فيه قراءاتٌ وجوهها ظاهرة " ولم يَذْكُرْها.

و[قوله]: " إذا " في ناصِبه وجهان، أحدُهما: أنَّه " يَسْمَعُ ". الثاني: أنه " الدعاءُ " فأَعمل المصدرَ المعرَّفَ بـ أل، وإذا أعملوه في المفعولِ الصريحِ ففي الظرفِ أَحْرىٰ.