الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ }

قوله: { مِنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ }: متعلقٌ بـ " يَكْلؤُكم " على حذفِ مضافٍ أي من أمرِ الرحمنِ أو بَأْسِه كقوله:يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } [الرعد: 11]. و " بالليل " بمعنى في الليل. والكِلاءَةُ: الحِفْظُ يقال: كَلأَه يَكْلَؤُه اللهُ كِلاءة بالكسر. كذا ضبطه الجوهري فهو كالِىءٌ ومَكْلُوْءٌ. قال ابنُ هَرْمة:
3342ـ إنَّ سُلَيْمَى واللهُ يَكْلَؤُها     ضَنَّتْ بشَيْءٍ ما كان يَرْزَؤها
واكْتَلأْتُ منه: احتَرَسْتُ، ومنه سُمِّي النباتُ كَلأً؛ لأنَّ به تقومُ بُنْيَةُ البهائمِ وتُحْرس. ويقال: " بَلَّغَ الله بك أَكْلأَ العُمُرِ " والمُكَلأُ: موضعٌ تُحْفظ فيه السفن. وفي الحديث: " نهى عن بيع الكالِىء بالكالِىءِ " أي: بَيْعِ الدَّيْن بالدَّيْن؛ كأنَّ كلاً من رَبِّ الدَّيْنَيْنِ يكلأُ الآخَرَ أي: يراقبه.

وقوله: { بَلْ هُمْ } إضرابٌ عن ما تَضَمَّنه الكلامُ الأول من النفي، إذ التقدير: ليس لهم كالىءٌ ولا مانعٌ غيرُ الرحمنِ.

وقرأ الزهري وابن القعقاع " يَكْلَوُكم " بضمةٍ خفيفةٍ دونَ همزٍ. وحكى الكسائي والفراء " يَكْلَوْكم " بفتحِ اللامِ وسكونِ الواو ولم أعرفْها قراءةً، وهو قريبٌ من لغةِ مَنْ يخفِّف " أكلَتْ الكلا على الكلَوْ " وقفاً إلاَّ أنه أجرى الوصل مُجْرَى الوقف.