الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ }

قوله: { مُّحْدَثٍ }: العامَّةُ على جَرِّ " من " مُحْدَثٍ " نعتاً لـ " ذِكْرٍ " على اللفظِ. وقوله: { مِّن رَّبِّهِمْ } فيه أوجهٌ، أجودُها: أن يتعلَّقَ بـ " يَِأْتيهم " وتكونُ " مِنْ " لابتداءِ الغايةِ مجازاً. والثاني: أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ من الضمير المستترِ في " مُحْدَثٍ ". الثالث: أن يكونَ حالاً مِنْ نفسِ " ذِكْرٍ " وإنْ كان نكرةً لأنَّه قد تَخَصَّصَ بالوصفِ بـ " مُحْدَثٍ " ، وهو نظيرُ " ما جاءني رجلٌ قائماً منطلقٌ " فَفَصَل بالحالِ بين الصفةِ والموصوفِ. وأيضاً فإنَّ الكلامَ نفيٌ وهو مُسَوِّغٌ لمجيء الحالِ من النكرةِ. الرابع: أَنْ يكونَ نعتاً لـ " ذِكْر " فيجوزُ في محلِّه الوجهان: الجرُّ باعتبارِ اللفظِ، والرفعُ باعتبارِ المحلِّ لأنه مرفوعُ المحل إذ " مِنْ " مزيدةٌ فيه، وسيأتي. وفي جَعْلِه نعتاً لـ " ذِكْرٍ " إشكالٌ من حيث إنه قد تقدَّم غيرُ الصريحِ على الصريحِ. وتقدَّم تحريرُه في المائدة. الخامس: أَنْ يتعلَّقَ بمَحذوفٍ على سبيلِ البيان.

وقرِأ ابنُ أبي [عَبْلة] " مُحْدَثٌ " رفعاً نعتاً لـ " ذِكْرٍ " على المحلِّ لأنَّ " مِنْ " مزيدةٌ فيه لاستكمالِ الشرطين. وقال أبو البقاء: " ولو رُفِع على موضع " مِنْ ذكْر " جاز ". كأنه لم يَطَّلِعْ عليه قراءةً. وزيدُ بنُ علي " مُحْدَثاً " نصباً على الحال مِنْ " ذِكْر " ، وسَوَّغ ذلك وصفُه بـ " مِنْ ربِّهم " إنْ جَعَلْناه صفةً، أو اعتمادُه على النفي. ويجوز أن يكونَ من الضمير المستتر في " مِنْ ربهم " إذا جَعَلْناه صفةً.

قوله: { إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ } هذه الجملةُ حالٌ من مفعول " يأتيهم " ، وهو استثناءٌ مفرغٌ، و " قد " معه مضمرةٌ عند قوم.

قوله: { وَهُمْ يَلْعَبُونَ } حالٌ مِنْ فاعل " استمعوه ".