الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً }

قوله: { وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً }: العامَّةُ على كسر السين خفيفةً. و " عِلْماً " على هذه القراءةِ تمييزٌ منقولٌ من الفاعلِ؛ إذِ الأصلُ: وَسِعٍ كلَّ شيءٍ عِلْمُه. وقرأ مجاهد وقتادة بفتح السين مشددةً. وفي انتصاب " علماً " حينئذ [وجهان]، أحدهما: أنه مفعولٌ به. قال الزمخشري: " وَجْهُه أنَّ وَسِع متعدٍّ إلى مفعولٍ واحد. وأمَّا " عِلْماً " فانتصابُه على التمييز فاعلاً في المعنى. فلما ثُقِّل نُقِل إلى التعديةِ إلى مفعولَيْنِ فنصبُهما معاً على المفعولية؛ لأن المُميِّز فاعلٌ في المعنى، كما تقول في " خاف زيد عمراً ": " خَوَّفْت زيداً عمراً " فتردُّ بالنقل ما كان فاعلاً مفعولاً ". وقال أبو البقاء: " والمعنى: أعطى كل شيء عِلْماً " فضمَّنه معنىٰ أعطى. وما قاله الزمخشريُّ أَوْلىٰ.

والوجه الثاني: أنه تمييزٌ أيضاً كما هو في قراءةِ التخفيفِ. قال أبو البقاء: " وفيه وجهٌ آخرُ:/ وهو أن يكونَ بمعنى: عَظَّم خَلْقَ كلِ شيءٍ كالأرض والسماء، وهو بمعنى بَسَط، فيكون عِلْماً تمييزاً ". وقال ابن عطية: " وسَّع خَلْقَ الأشياءِ وكَثَّرها بالاختراع ".