قوله: { فَيَحِلُّ }: قرأ العامة " فيحِلُّ " بكسر الحاء، واللام من " يَحْلِلْ ". والكسائيُّ في آخرين بضمِّهما، وابن عتيبة وافق العامَّةَ في الحاء، والكسائيَّ في اللام. فقراءةُ العامَّةِ مِنْ حَلَّ عليه كذا أي: وَجَبَ، مِنْ حَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ أي: وَجَبَ قضاؤُه. ومنه قولُه:{ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ } [البقرة: 196] ومنه أيضاً{ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [الزمر: 40]. وقراءةُ الكسائي مِنْ حَلَّ يَحُلُّ أي: نَزَل، ومنه{ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ } [الرعد: 31]. والمشهورُ أنَّ فاعلَ " يَحلُّ " في القراءتين هو " غضبي ". وقال صاحب " اللوامح ": " إنه مفعولٌ به، وإنَّ الفاعلَ تُرِك لشُهْرَته، والتقدير: فيحِلُّ عليكم طُغْيانُكم غضبي، ودَلَّ عليه " ولا تَطْغَوا ". ولا يجوز أن يُسْند إلى " غضبي " فيصيرَ في موضعِ رفعٍ بفعله ". ثم قال: " وقد يُحْذَفُ المفعولُ للدليلِ عليه، وهو " العذابَ " ونحوه ". قلت: فعنده أنَّ حَلَّ متعدٍّ بنفسِه لأنه من الإِحلال كما صَرَّح هو به. وإذا كان من الإِحْلال تعدَّىٰ لواحدٍ، وذلك المتعدَّىٰ إليه: إمَّا " غضبي " ، على أنَّ الفاعلَ ضميرٌ عائدٌ على الطغيانِ، كما قَدَّره، وإمَّا محذوفٌ، والفاعل " غضبي ". وفي عبارته قَلَقٌ. وقرأ طلحة " لا يَحِلَّنَّ عليكم " بـ " لا " الناهيةِ وكسرِ الحاء، وفتحِ اللامِ مِنْ يَحِلَّنَّ، ونونِ التوكيد المشددة أي: لا تتعرَّضوا للطُغْيان فيحقَّ عليكم غضبي، وهو من باب " لا أُرَيَنَّك ههنا ". وقرأ زيدُ بن علي " ولا تَطْغُوا " بضم الغين مِنْ طغا يَطْغُوا، كغَدا يَغْدو. وقوله: { فَيَحِلَّ } يجوز أن يكونَ مجزوماً عطفاً على " لا تَطْغَوا " كذا قال أبو البقاء، وفيه نظر؛ إذ المعنىٰ ليس على نَهْيَ الغضبِ أن يَحِلَّ بهم. والثاني: أنَّه منصوبٌ بإضمارِ ِ " أَنْ " في الجواب. وهو واضحٌ.