الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَىٰ }

قوله: { أَن يَفْرُطَ }: " أَنْ يَفْرُطَ " مفعولُ " نخاف ". ويقال: فَرَطَ يَفْرُط: سَبَقَ وَتَقَدَّم، ومنه الفارِطُ. وهو الذي يتقدَّم الورادةَ إلى الماء وفَرَسٌ فَرَطٌ: يسبقُ الخيلَ، أي: نخافُ أَنْ يُعَجِّلَ علينا بالعقوبةِ ويبادِرَنا بها، قاله الزمخشري، ومِنْ وُرودِ الفارط بمعنى المتقدِّم على الواردة قولُ الشاعر:
3292ـ واسْتعجلونا وكانوا مِنْ صحابَتنا     كما تَقَدَّم فُرَّاطُ لوُرَّادِ
وفي الحديث: " أنا فَرَطُكم على الحَوْضِ " أي: سابقُكم ومتقدِّمُكم.

وقرأ يحيى بن وثاب وابنُ محيصن وأبو نَوْفلٍ " يُفْرَط " بضمِّ حرف المضارعة وفتح الراء على البناء للمفعول، والمعنىٰ: خافا أن يُسْبَقَ في العقوبةِ. أي: يحملُه حامِلٌ عليها وعلى المعاجلة بها: إمَّا قومُه وإمَّا حُبُ الرئاسةِ، وإمَّا ادِّعاؤه الإِلَهيةَ.

وقرأ ابن محيصن في روايةٍ والزعفراني " أَن يُفَرِّطَ " بضمِّ حرفِ المضارَعَةِ وكسر الراء مِنْ أفرط. قال الزمخشري: " مِنْ أَفْرَطَه غيرُه إذا حمله على العَجَلة، خافا أَنْ يَحْمِلَه حاملٌ على المُعاجلة بالعقاب ". قال كعب ابن زهير.
3293ـ تَنْفِي الرياحُ القَذَىٰ عنه وأَفْرَطَه     مِنْ صَوْبِ ساريةٍ بِيْضٌ يَعالِيْـلُ
أي: سَبَقَتْ إليه هذه البِيْضُ لتملأَه. وفاعلُ " يَفْرُطَ " ضميرُ فرعون. وهذا هو الظاهر الذي ينبغي أَنْ لا يُعْدَلَ عنه. وجعله أبو البقاء مضمراً لدلالة الكلامِ عليه فقال " فيجوز أن يكون التقدير: أن يَفْرط علينا منه قولٌ، فأضمر القولَ لدلالة الحالِ عليه كما تقول: فَرَطَ مني قول، وأن يكونَ الفاعلُ ضميرَ فرعون كما كان في " يَطْغىٰ ".