الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي }

قوله: { وَلاَ تَنِيَا }: يقال: وَنىٰ يَني وَنْياً كوَعَدَ/ يَعِد وَعْداً إذا فَتَرو... والوَنْيُ الفُتور. ومنه امرأةٌ أَناة، وصفوها بفُتور القيام كناية عن ضَخامتها قال:
3289ـ مِنَّا الأَناةُ وبعضُ القومِ يَحْسَبُنا     أَنَّا بِطاءٌ وفي إبطائِنا سَرَعُ
والأصل وَناة. فأبدلوا الهمزة من الواو كأَحَد في وَحَد. وليس بالقياس، وفي الحديث: " إن فيك لخَصْلتين يحبهما الله: الحِلْمُ والأناة ".

والواني: المقصِّرُ في أمره. قال الشاعر:
3290ـ....................     فما أنا بالواني ولا الضِّرَعِ الغُمْرِ
وونىٰ فعلٌ لازمٌ لا يتعدى، وزعم بعضهم أنه يكون مِنْ أخواتِ زَال وانفك فيعمل بشرط النفيِ أو شبهِه عَمَلَ كان فيقال: " ما وَنى زيدٌ قائماً " أي: مازال قائماً. وأنشد الشيخُ جمالُ الدين بنُ مالكٍ شاهداً على ذلك قول الشاعر:
3291ـ لا يَنِيْ الحُبُّ شِيْمةَ الحِبِّ ما دا    مَ فلا تَحْسَبَنَّه ذا ارْعِواءِ
أي لا يزال الحُبُّ ـ أي بضم الحاء ـ شيمةَ الحِبِّ ـ أي بكسرِها ـ وهو المُحِبُّ. ومَنْ منع ذلك يتأوَّلُ البيتَ على حَذْفِ حرفِ الجرِّ؛ فإنَّ هذا الفعلَ يتعدَّىٰ تارةً بـ عَنْ وتارة بـ في. يُقال: ما وَنَيْتُ عن حاجتك أو في حاجتك. فالتقدير: لا يَفْتُرُ الحُبُّ في شِيمة المُحِبِّ وفيه مجازٌ بليغ. وقد عُدِّيَ في الآيةِ الكريمة بـ في.

وقرأ يحيى بنُ وثَّاب " ولا تِنِيا " بكسر التاء إتباعاً لحركةِ النون. وسَكَّن الياءَ مِنْ " ذِكْرِيْ ".......