الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ }

قوله: { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ }: قرأ حمزةُ في آخرين " وأنَّا اخترناك " بفتحِ الهمزة بضمير المتكلمِ المعظمِ نفسَه. وقرأ السلميُّ والأعمش وابن هرمز كذلك، إلاَّ أنهم كسروا الهمزةَ. والباقون " وأنا اخْتَرْتُك " بضميرِ المتكلم وحدَه. وقرأ أُبَيٌّ " وأني اخترتك " بفتح الهمزة.

فأمَّا قراءةُ حمزة فعطفٌ على قوله { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ } ، وذلك أنه بفتح الهمزة هناك، ففعل ذلك لَمَّا عطف غيرَها عليها. ومَنْ كسرها فلأنه يقرأ " إنِّي أنا ربك " بالكسر. وقراءة أُبَيّ كقراءةِ حمزة بالنسبة للعطف. وجَوَّز أبو البقاء أن يكونَ الفتحُ على تقديرِ: ولأنَّا اخترناك فاستمع، فعلَّقه باستمع. والأولُ أَوْلَى. ومفعولُ " اخترتك " الثاني محذوف أي: اخترتك مِنْ قومك.

قوله { لِمَا يُوحَىۤ } الظاهرُ تعلُّقه بـ " استمِعْ ". ويجوزُ أن تكونَ اللامُ مزيدةً في المفعول على حَدِّ قولِه تعالى:رَدِفَ لَكُم } [النمل: 72]. وجَوَّز الزمخشريُّ وغيرُه أن تكونَ المسألة من باب التنازع بين " اخْتَرْتُك " وبين " استمع " كأنه قيل: اخترتُك لِما يوحى فاستمع لِما يوحىٰ. قال الزمخشري: " فَعَلَّق اللامَ بـ " استمعْ " أو بـ " اخترتُك ".

وقد رَدَّ الشيخُ هذا بأنْ قال: " ولا يجوزُ التعليقُ بـ " اخترتك " لأنَّه مِنْ بابِ الإِعمال، يجب ـ أو يُختار ـ إعادةُ الضميرِ مع الثاني فكان يكونُ: فاستمعْ له لِما يوحى، فَدَلَّ على أنه من باب إعمال الثاني ". قلت: الزمخشريُّ عنى التعليقَ المعنويَّ من حيث الصلاحيةُ، وأما تقديرُ الصناعةِ فلم يَعْنِه.

و " ما " يجوزُ أَنْ تكونَ مصدريةً، وبمعنى الذي أي: فاستمعْ للوحيِ أو للذي يُوْحىٰ.