قوله: { إِذْ رَأَىٰ }: يجوز أَنْ يكونَ منصوباً بالحديث وهو الظاهرُ. ويجوز أن ينتصِبَ بـ " اذكر " مقدَّراً، كما قاله أبو البقاء، أو بمحذوفٍ بعدَه أي: إذ رأى ناراً كان كيتَ وكيتَ، كما قاله الزمخشريُّ. و " هل " على بابها مِنْ كونِها استفهامَ تقريرٍ، وقيل: بمعنى قد، وقيل: بمعنى النفي. وقرأ " لأهلِهُ امكثُوا " بضم الهاء حمزة وقد تقدم أنه الأصلُ وهو لغةُ الحجاز، وقال أبو البقاء: " إن الضمَّ للإِتباع ". قوله: { آنَسْتُ } أي: أبصرْتُ. والإِيناسُ: الإِبصارُ البيِّنُ، ومنه إنسانُ العينِ؛ لأنه يُبْصَر به الأشياءُ، وقيل: هو الوِجْدان، وقيل: الإِحساسُ فهو أعمُّ من الإِبصار، وأنشدوا للحارث بن حِلِّزة:
3275ـ آنسَتْ نَبْأَةً وأَفْزَعَها القُنْـــ
ـــنـاصُ عَصْراً وقد دنا الإِمْساءُ
والقَبَسُ: الجَذْوَةُ من النار، وهي الشُّعْلةُ في رأسِ عُوْدٍ أو قَصَبةٍ ونحوِهما. وهو فَعَلٌ بمعنى مَفْعول كالقَبَض والنَّقَضِ بمعنى المَقْبوض والمَنْقوض. ويقال: أَقْبَسْتُ الرجلَ علماً وقَبَسْتُه ناراً، ففرقوا بينهما، هذا قولُ المبردِ. وقال الكسائيُّ: إن فَعَلَ وأَفْعَلَ يُقالان في المعنيين، فيقال: قَبَسْتُه ناراً وعلماً، وأَقْبَسْته أيضاً عِلْماً وناراً. وقوله { مِّنْهَا } يجوز أَنْ يتعلق/ بـ " آتِيكم " أو بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ قَبَس. وأمال بعضُهم ألفَ " هدىٰ " وقفاً. والجيدُ أَنْ لا تُمالَ لأنَّ الأشهر أنها بدلٌ من التنوين.