الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

قوله تعالى: { ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ }.. مفعولٌ ثانٍ لآتينا، وهل المرادُ بالكتاب والفرقانِ شيءٌ واحدٌ وهو التوراةُ؟ كأنه قيل: الجامعُ بينَ كونِه كتاباً مُنَزَّلاً وفرقاناً يَفْرُق بين الحقِّ والباطلِ، نحو: رأيت الغيثَ والليثَ، وهو من باب قولِه:
464ـ إلى المَلِك القَرْمِ وابنِ الهُمَامِ   .................................
أو لأنه لمَّا اختَلَفَ اللفظُ جازَ ذلك كقوله:
465ـ فَقَدَّمَتِ الأَدِيمَ لراهِشَيْهِ   وأَلْفَى قولَها كَذِباً وَمَيْنَا
وقوله:
466ـ...............................   وهندٌ أتىٰ مِنْ دَوْنِها النَّأْيُ والبُعْدُ
وقولهِ:
467ـ..................................   أَقْوَى وأَفْقَرَ بعدَ أُمِّ الهَيْثَمِ
قال النحاس: " هذا إنما يجوزُ في الشِّعْر، فالأحسنُ أن يُرادَ بالفرقان ما علَّمه اللهُ موسى من الفَرْق بين الحق والباطل ". وقيل: الواوُ زائدة، و " الفرقان " نعتٌ للكتاب أو " الكتابُ " التوراةُ، و " الفرقانُ " ما فُرِّقَ به بين الكُفْر والإِيمانِ، كالآياتِ من نحو العَصا واليد، أو ما فُرِّقَ به بين الحلالِ والحَرام من الشرائعِ.

والفُرْقُانُ في الأصلِ مصدرٌ مثلُ الغُفْران. وقد تقدَّمَ معناهُ فيفَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ } [البقرة: 50]. وقيل: الفرقانُ هنا اسمُ للقرآنِ، قالوا: والتقديرُ: ولَقَدْ آتَيْنَا موسىٰ الكتابَ ومحمداً الفرقانَ. قال النحاس: " هذا خطأٌ في الإِعرابِ والمعنى، أمَّا الإِعرابُ فلأنَّ المعطوفَ على الشيءِ مثلُه، وهذا يخالِفُه، وأمَّا المعنى فلقولِه:وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ } [الأنبياء: 48].