قوله تعالى: { إِلَىٰ أَجَلٍ }: متعلِّقٌ بتدايَنْتُمْ، ويجوزُ أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لدَيْن. و " مُسَمَّى " صفةٌ لدَيْن، فيكونُ قد قَدَّم الصفةَ المؤولةَ على الصريحةِ وهو ضعيفٌ، فكان الوجهُ الأولُ أوجَهَ. و " تَدَايَنَ " تفاعَلَ من الدَّيْن كتبايَعَ من البَيْع، يقال: داينْتُ الرجل أي: عاملْتُه بدَيْنٍ، وسواءً كنت معطياً أم آخذاً، قال رؤبة:
1121 ـ دايَنْتُ أَرْوى والديونُ تُقْضى
فَمَطَّلَتْ بعضاً وأَدَّتْ بَعْضَا
ويقال: دِنْتُ الرجلَ: إذا بِعْتُهُ بدَيْنٍ، وأَدِنْتُه أنا: أَخَذْتُ منه بدَيْن، فَفَرَّقوا بين فَعَل وأَفْعَلَ. قوله: { فَٱكْتُبُوهُ } الضميرُ يعودُ على " بدَيْن " وإنما ذَكَرَ قولَه " بدَيْن " ليعيدَ عليه هذا الضميرَ، وإنْ كان الدَّيْن مفهوماً/ من قولِهِ: " تدايَنْتُم " ، أو لأنه قد يُقال: تَداينوا أي: جازى بعضُهم بعضاً فقال: " بَدْينٍ " ليُزِيلَ هذا الاشتراكَ، أو ليدُل به على العمومِ، أي: أيِّ دين كان من قليلٍ وكثيرٍ. وقوله: { إِلَى ٰ أَجَلٍ } على سبيلِ التأكيدِ، إذ لا يكونُ الدَّيْن إلاَّ مؤجَّلاً، وألفُ " مُسَمَّى " منقلبةٌ عن ياءٍ، تلك الياءُ منقلبةٌ عن واو، لأنه من التسميةِ، وقد تقدَّم أنَّ المادةَ مِنْ سما يسمو. قوله: { بِٱلْعَدْلِ } فيه أوجهٌ، أحدُها: أن يكونَ الجارُّ متعلقاً بالفعلِ قبلَه. قال أبو البقاء: " بالعدلِ " متعلِّقٌ بقولِهِ: فَلْيَكْتُبْ، أي: ليكتبْ بالحقِّ، فيجوزُ أَنْ يكونَ حالا أي: ليكتبْ عادِلاً، ويجوزُ أَنْ يكونَ مفعولاً به أي: بسببِ العَدْلِ ". قولُه أولاً: " بالعدلِ متعلِّقٌ بقوله فَلْيَكْتُب " يريدُ التعلقَ المعنويَّ؛ لأنه قد جَوَّزَ فيه بعدَ ذلك أَنْ يكونَ حالاً، وإذا كانَ حالاً تعلَّقَ بمحذوفٍ لا بنفسِ الفعلِ. وقوله: " ويجوزُ أَنْ يكونَ مفعولاً " يعني فتتعلَّقُ الباءُ حينئذٍ بنفسِ الفعلِ. والثاني: أَنْ يتعلَّقَ بـ " كاتب ". قال الزمخشري: " متعلَّقٌ بكاتب صفةً له، أي: كاتبٌ مأمونٌ على ما يَكْتب " وهو كما تقدَّم في تأويل قول أبي البقاء. وقال ابنُ عطية: " والباءُ متعلقةٌ بقولِهِ: " وَلْيَكْتُب " ، وليْسَتْ متعلقةً بقولِهِ " كاتبٌ " لأنه كان يَلْزَمُ ألاَّ يكتبَ وثيقةً إلا العدلُ في نفسِهِ، وقد يكتُبها الصبيُّ والعبدُ ". الثالث: أن تكونَ الباءُ زائدةً، تقديرُهُ: فَلْيكتب بينكم كاتبُ العدلِ. قوله: { أَنْ يَكْتُبَ } مفعولٌ به أي: لا يأبَ الكتابَةَ. و " كما عَلَّمه الله " يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بقولِهِ: " أَنْ يَكْتُبَ " على أنه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ، أو حالٌ من ضميِرِ المصدرِ على رأيِ سيبويه، والتقدير: أَنْ يكتبَ كتابةً مثلَ ما عَلَّمه الله، أو أَنْ يكتبَهُ أي: الكَتْبَ مثلَ ما عَلَّمه الله. ويجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بقوله " فَلْيَكْتُبْ " بعدَه.