الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ }

قوله تعالى: { أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ }: خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ أي: لا تقولوا: هم أمواتٌ، وكذلك " أحياءٌ " خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: بل هم أحياءٌ، وقد راعى لفظَ " مَنْ " مرةً فأَفْرَدَ في قولِه " يُقْتَلُ " ، ومعناها أخرى فَجَمَع في قولِه { أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ } واللامُ هنا للعِلَّة، ولا تكونُ للتبليغ، لأنهم لم يُبَلِّغوا الشهداء قولَهم هذا. والجملةُ من قولِه: " هم أمواتٌ " في محلِّ نصب بالقول لأنها محكيَّة به، وأما { بَلْ هُمْ أَحْيَاءٌ } فيتحمل وجهين، أحدهما ألاَّ يكونَ له محلٌّ مِنَ الإِعرابِ، بل هو إخبارٌ مِنَ الله تعالَى بأنَّهم أحياءٌ، ويُرَجِّحُه قولُه: { وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ } إذ المعنى لا شعورَ لكم بحياتِهم. والثاني: أن يكون محلُّه النصبُ بقولٍ محذوفٍ تقديرُه، بل قولوا هم أحياء، ولا يجوزُ أن ينتصِبَ بالقولِ الأولِ لفسادِ المعنى، وحُذِفَ مفعولُ " يشعرون " " لِفَهْمِ المعنى أي: بحياتِهم.