الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله تعالى: { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ }: في " إذ " خمسةُ أوجهٍ أصَحُّها أنه منصوبٌ بـ " قال أَسْلَمْتُ " ، أي: قال أسلمتُ وقتَ قولِ الله له أَسْلَمْ. الثاني: أنه بَدَلٌ من قوله " في الدنيا ". الثالث: أنه منصوبٌ باصطفيناه. الرابع: أنه منصوبٌ بـ " اذكر " مقدَّراً، ذكر ذلك أبو البقاء والزمخشري. وعلى تقدير كونِه معمولاً لاصطفيناه أو لـ " اذكر " مقدرّاً يبقى قولُه " قال أسلمْتُ " غيرَ منتظم مع ما قبله، إلا أنْ يُقدَّرَ حذفُ حرفِ عطفٍ أي: فقال، أو يُجْعَلَ جواباً لسؤالٍ مقدَّرٍ أي: ما كان جوابُه؟ فقيل: قال أسلَمْتُ، الخامس: أبْعَدَ بعضُهم فجعله مع ما بعدَه في محلِّ نصبٍ على الحالِ والعاملُ فيه " اصطَفَيْناه ".

وفي قوله: { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ } التفاتٌ إذ لو جاءَ على نَسَقِهِ لقيل: إذ قلنا، لأنَّه بعدَ " ولقَدِ اصْطَفَيْناه " وعكسُه في الخروجِ من الغَيْبةِ إلى الخطابِ قولُه:
730 ـ باتَتْ تَشَكَّى إليَّ النفسُ مُجْهِشَةً   وقد حَمَلْتُكَ سبعاً بعدَ سَبْعينا
وقوله { لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } فيه من الفخامة ما ليس في قوله " لك " أو " لربّي " ، لأنه إذا اعترف بأنَّه ربُ جميعِ العالمينِ اعتَرَف بأنه ربُّه وزيادةٌ بخلافِ الأول فلذلك عَدَلَ عن العبارَتَيْنِ. وفيه قوله: " أَسْلْمِ " حَذْفُ مفعولٍ تقديرُه: أَسْلِمْ لربِّك.