الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً }

قوله: { أَفَرَأَيْتَ }: عطفٌ بالفاء إيذاناً بإفادةِ التعقيبِ كأنه قيل: أَخْبَرَ أيضاً بقصة هذا الكافر عَقِيْبَ قصةِ أولئك. و " أَرَأَيْتَ " بمعنى أَخْبَرَني كما قد عَرَفْتَه. والموصولُ هو المفعول الأول، والثاني هو الجملةُ الاستفهاميةُ مِنْ قولِه { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ } و " لأُوْتَيَنَّ " جوابُ قسمٍ مضمرٍ، والجملةُ القسميةُ كلُّها في محلِّ نصبٍ بالقول.

وقوله هنا: " وَوَلداً " وفيهاقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً } [مريم: 88، 91]. موضعان. وفي الزخرفإِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ } [الآية: 81] وفي نوحمَالُهُ وَوَلَدُهُ } [الآية: 21]. قرأ الأربعةَ الأخَوان بضم الواو وسكونِ اللام. وافقهما ابن كثير وأبو عمرو... على الذي في نوحٍ دون السورتين، والباقون وهم نافعٌ وابن عامر وعاصمٌ قرؤوا ذلك كلَّه بفتح الواو واللام.

فأمَّا القراءةُ بفتحتين فواضحةٌ وهو اسمٌ مفردٌ قائمٌ مقامَ الجمع. وأمَّا قراءةُ الضمِّ والإِسكانِ، فقيل: هي كالتي قبلها في المعنى، يقال: وَلَدَ ووُلْد، كما يقال: عَرَب وعُرْب، وعَدَمَ وعُدْم. وقيل: بل هي جمع لوَلَد نحو: أَسَد وأُسْد، وأَنْشَدوا على ذلك:
3253- ولقد رَأَيْتُ معاشراً   قد ثَمَّروا مالاً وَوُلْدا
وأنشدوا شاهداً على أنَّ الوَلَدَ والوُلْد مترادِفان الآخر:
3254- فَلَيْتَ فلاناً كان في بَطْنِ أمِّه   وليت فلاناً كان وُلْدَ حمارِ
وقرأ عبد الله ويحيى بن يعمر " ووِلْدا " بكسر الواو، وهي لغةٌ في الوَلَد، ولا يَبْعُدُ أَنْ يكون هذا من باب الذَّبْح والرَّعْي، فيكون وِلْدٌ بمعنى مَوْلود، وكذلك في الذي بفتحتين نحو: القَبَض بمعنى المَقْبوض.