الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }

وقرأ العامَّةُ { ثُمَّ نُنَجِّيْ } بضمِّ " ثمَّ " على أنَّها العاطفةُ وقرأ عليٌّ بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباسٍ وأُبيُّ والجحدريُّ ويعقوبُ " ثَمَّ " بفتحها على أنها الظرفيةُ، ويكون منصوباً بما بعده، أي: هناك نُنَجِّي الذين اتَّقَوا.

وقرأ الجمهور " نُنَجِّيْ " بضم النونِ الأولى وفتحِ الثانية وتشديدِ الجيم، مِنْ " نجَّى " مضعفاً. وقرأ الكسائي والأعمش وابن محيصن " نُنْجِي " مِنْ أَنْجى. والفعلُ على هاتين مضارعٌ.

وقرأَتْ فِرقةٌ " نُجِّيْ " بنونٍ واحدةٍ مضمومةٍ وجيمٍ مشددة. وهو على هذه القراءةِ ماضٍ مبني للمفعول، وكان مِنْ حق قارئها أن يفتحَ الياءَ، ولكنه سكَّنه تخفيفاً. وتحتمل هذه القراءةُ توجيهاً آخرَ سيأتي في قراءة متواترةٍ آخرَ سورةِ الأنبياء. وقرأ عليُّ بن أبي طالب أيضاً " نُنَجِّي " بحاءٍ مهملة، من التَّنْحِيَة.

ومفعول " اتَّقوا " إمَّا محذوفٌ مرادٌ للعلمِ به، أي: اتَّقُوا الشركَ والظلمَ.

قوله: جِثِيَّا " إمَّا مفعولٌ ثانٍ إنْ كان " نَذَرُ " يتعدَّى لاثنين بمعنى نترك ونُصَيِّر، وإمَّا حالٌ إنْ جَعَلْتَ " نَذَرُ " بمعنى نُخَلِّيْهم. و " جِثِيَّاً " على ما تقدَّم.

و " فيها " يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بـ " نَذَرُ " ، وأَنْ يتعلَّقَ بـ " جِثِيَّاً " إنْ كان حالاً، ولا يجوزُ ذلك فيه إنْ كان مصدراً. ويجوز أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ " جِثِيَّاً " لأنه في الأصلِ صفةٌ لنكرةٍ قُدِّم عليها فَنُصِبَ حالاً.