الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً }

قوله: { مَّا لَهُمْ بِهِ }: أي: بالولدِ، أو باتخاذه، أو بالقولِ المدلولِ عليه بـ " اتَّخذ " وبـ " قالوا " ، أو بالله.

وهذه الجملةُ المنفيةُ فيها ثلاثةُ أوجهٍ، أظهرُها: أنها مستأنفةٌ سِيقَتْ للإِخبارِ بذلك. والثاني: أنها صفةٌ للولدِ، قال المهدويُّ. وردَّه ابنُ عطيةَ: بأنه لا يَصِفُه بذلك إلا القائلون، وهم لم يَقْصِدوا وَصْفَه بذلك. الثالث: أنها حالٌ مِنْ فاعلِ " قالوا " ، أي: قالوه جاهلين.

و { مِنْ عِلْمٍ } يجوز أَنْ يكونَ فاعلاً، وأن يكون مبتدأ. والجارُّ هو الرافع، أو الخبر. و " مِنْ " مزيدةٌ على كِلا القولين.

قوله: { كَبُرَتْ كَلِمَةً } في فاعلِ " كَبُرَتْ " وجهان، أحدُهما: أنه مضمرٌ عائدٌ على مقالتِهم المفهومة مِنْ قولِه: " قالوا: اتَّخذ الله " ، أي: كَبُرَ مقالُهم، و " كلمةً " نصبٌ على التمييز، ومعنى الكلامِ على التعجب، أي: ما أكبرَها كلمةً. و " تَخْرُجُ " الجملةُ صفةٌ لـ " كلمة ". ودَلَّ استعظامُها لأنَّ بعضَ ما يَهْجِسُ بالخاطرِ لا يَجْسُر الإِنسانُ على إظهاره باللفظ.

والثاني: أن الفاعلَ مضمرٌ مفسِّرٌ بالنكرةِ بعد المنصوبةِ على التمييزِ، ومعناها الذمُّ كـ " بِئس رجلاً " ، فعلى هذا: المخصوصُ بالذمِّ محذوفٌ تقديرُه: كَبُرَتْ هي الكلمةُ كلمةً خارجةً مِنْ أفواهِهم تلك المقالةُ الشَّنعاءُ.

وقرأ العامَّةُ " كلمةً " بالنصبِ، وفيها وجهان: النصبُ على التمييز، وقد تقدَّم تحقيقُه في الوجهين السابقين. والثاني: النصبُ على الحالِ. وليس بظاهر.

وقوله: " تَخْرُجُ " في الجملة وجهان، أحدُهما: هي صفةٌ لكلمة. والثاني: أنها صفةٌ للمخصوصِ بالذمِّ المقدَّرِ تقديرُه: كَبُرَت كلمةٌ خارجةٌ كلمةً.

وقرأ الحسنُ وابنُ محيصن وابنُ يعمرَ وابن كثير - في رواية القَوَّاس عنه - كلمةٌ " بالرفع على الفاعلية، " وتَخْرُج " صفةٌ لها أيضاً. وقُرِئَ " كَبْرَتْ " بسكون الباء وهي لغةُ تميم.

قوله: " كَذِباً " فيه وجهان، أحدُهما: هو مفعول به لأنه يتضمَّنُ معنى جملة. والثاني: هو نعتٌ مصدرٍ محذوفٍ، أي: قولاً كذباً.