الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً }

قوله: { ثَلاثَ مِئَةٍ سِنِينَ }: قرأ الأخَوان بإضافة " مِئَةِ " إلى سنين. والباقون بتنوين " مِئَةٍ ". فأمَّا الأولى فأوقع فيها الجمعَ موقعَ المفردِ كقولِه:بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً } [الكهف: 103]. قاله الزمخشري يعني أنه أوقع " أَعْمالاً " موقعَ " عَمَلاً ". وقد أنحى أبو حاتم على هذه القراءةِ ولا يُلْتَفَتُ إليه. وفي مصحفِ عبد الله " سَنَة " بالإِفراد. وبها قرأ أُبَيّ. وقرأ الضحاك " سِنُون " بالواو على أنها خبرٌ مبتدأ مضمرٍ، أي: هي سنُون.

وأمَّا الباقون: فلمَّا لم يَرَوا إضافةَ " مِئَة " إلى جمعٍ نَوَّنُوا، وجعلوا " سِنين " بدلاً مِنْ " ثلثمئة " أو عطفَ بيان. ونَقَل أبو البقاء أنَّه بدلٌ مِنْ " مِئَة " لأنها في معنى الجمع. ولا جائزٌ أَنْ يكونَ " سنين " في هذه القراءةِ مميِّزاً، لأنَّ ذلك إنما يجيءُ في ضرورةٍ مع إفرادِ التمييز، كقوله:
3140- إذا عاش الفَتَى مِئَتين عاماً   [فقد] ذَهَب اللَّذاذَةُ والفَتاءُ
قوله: " تِسْعاً " ، أي: تسعَ سنين، حَذَفَ المُمَيَّزَ لدلالةِ ما تقدَّمَ عليه، إذ لا يُقال: عندي ثلثمئة درهم وتسعة، إلا وأنت تعني: تسعة دراهم، ولو أَرَدْتَ ثياباً ونحوَها لم يَجُزْ لأنه إلغازٌ. و " تِسْعاً " مفعولٌ به. وازداد: افتَعَلَ، أُبْدِلَتِ التاءُ دالاً بعد الزاي، وكان متعدِّياً لاثنين نحو:وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } [الكهف: 13]، فلمَّا بُنِي على الافتعال نَقَص واحداً.

وقرأ الحسن وأبو عمروٍ في وراية " تَسْعا " بفتح التاء كعَشْر.