قوله: { أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ }: " أنَّ " هذه مصدرية وإنْ كانت مكفوفةً بـ " ما ". وهذا المصدر قائمٌ مقامَ الفاعلِ كأنه قيل: إنما يُوْحَى إليَّ التوحيدُ. قوله: { وَلاَ يُشْرِكْ } العامَّةُ على الياءِ مِنْ تحتُ، عُطِفَ بها على أمرٍ. ورُوي عن أبي عمروٍ { وَلاَ تُشْرِكْ } بالتاءِ مِنْ فوقُ خطاباً على الالتفات من الغَيْبة إلى الخطاب ثم التُفِتَ في قولِه { بِعِبَادَةِ رَبِّهِ } إلى الأول. ولو جيْءَ على الالتفات الثاني: لقيل: ربك. والباءُ سببية، أي: بسبب. وقيل: بمعنى في. والفِرْدوس: الجَنَّةُ مِن الكَرْم خاصة. وقيل: بل ما كان غالبُها كَرْماً. وقيل: كل ما حُوِطَ فهو فِرْدوسٌ والجمع فراديس. وقال المبرد: " الفِرْدوس فيما سمعتُ من العرب: الشجرُ الملتفُّ، والأغلبُ عليه أن يكون من العِنَب ". وحكى الزجاج أنها الأَوْدِيَة التي تُنْبِتُ ضُروباً من النَّبْت. واختُلف فيه: فقيل: هو عربيٌّ وقيل: أعجمي. وهل هو روميٌّ أو فارسيٌّ أو سُرْيانيٌّ؟ قيل: ولم يُسْمع في كلام العرب إلا في بيت حَسَّان:
3206- وإنَّ ثوابَ اللهِ كلَّ مُوحِّدِ
جِنانٌ من الفردوسِ فيها يُخْلَّدُ
وهذا ليس بصحيح، لأنه سُمع في شعرِ أميةَ بنِ أبي الصلت:
3207- كانت منازلُهمْ إذ ذاك ظاهرةً
فيها الفَراديسُ ثم الثومُ والبَصَلُ
ويقال: كَرْمٌ مُفَرْدَسٌ، أي: مُعَرَّشٌ، ولهذا سُمِّيَتِ الروضةُ التي دونَ اليَمامة فِرْدَوساً. وإضافةُ " جنَّات " إلى الفِرْدوس إضافةٌ تبيينٍ.