الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً }

قوله تعالى: { أَوْ تُسْقِطَ }: العامَّةُ على إسناد الفعل للمخاطب. و " السماءَ " مفعولٌ بها. ومجاهد على إسنادِه إلى " السماء " فَرَفْعُها به.

قوله: " كِسْفاً " قرأ نافعٌ وابنُ عامرٍ وعاصمٌ هنا بفتح السين، وفَعَل ذلك حفصٌ في الشعراء وفي سبأ. والباقون بسكونها في المواضعِ الثلاثةِ. وقرأ ابن ذكوان بسكونها في الروم بلا خلافٍ، وهشامٌ عنه الوجهان، والباقون بفتحها.

فمَنْ فتح السينَ جعله جمعَ كِسْفة نحو: قِطْعَة وقِطَع، وكِسْرة وكِسَر، ومَنْ سَكَّن جعله جمع كِسْفَة أيضاً على حَدِّ سِدْرة وسِدْر، وقَمْحة وقَمْح.

وجوَّز أبو البقاء فيه وجهين آخرين، أحدُهما: أنه جمعٌ على فَعَل بفتح العينِ، وإنما سُكِّن تخفيفاً، وهذا لا يجوز لأنَّ الفتحةَ خفيفةٌ يحتملُها حرفُ العلة، حيث يُقَدَّر فيه غيرُها فكيف بالحرف الصحيح؟. قال: " والثاني: أنه فَعْل بمعنى مَفْعول " كالطَّحْن بمعنى مَطْحون، فصار في السكون ثلاثةُ أوجهٍ.

وأصل الكَسْفِ القَطْع. يقال: كَسَفْتُ الثوبَ قطعتُه. وفي الحديثِ في قصة سليمان مع الصافنات الجياد: أنه " كَسَفَ عراقيبَها " أي: قطعها. وقال الزجاج " كَسَفَ الشيء بمعنى غَطَّاه ". وقيل: ولا يُعرفُ هذا لغيرِه.

وانتصابُه على الحالِ، فإنْ جَعَلْناه جمعاً كان على حَذْفِ مضافٍ، أي: ذات كِسَفٍ، وإنْ جعلناه فِعْلاً بمعنى مَفْعول لم يَحْتَج إلى تقدير، وحينئذ فيقال: لِمَ لَمْ يؤنَّث؟ ويجاب: بأنَّ تأنيثَ السماء غيرُ حقيقي، أو بأنها في معنى السقف.

قوله: " كما زَعَمْتَ " نعتٌ لمصدرٍ محذوف، أي: إسقاطاً مثلَ مَزْعُومِك، كذا قدَّره أبو البقاء.

قوله: " قَبِيْلاً " حالٌ من " الله والملائكة " أو مِنْ أحدِهما، والآخرُ محذوفةٌ حالُه، أي: بالله قبيلاً والملائكةِ قبيلاً. كقوله:
3106-.............. كنتُ منه ووالدي   بريئاً....................
[وكقولِهِ]
3107-.....................   فإنِّي وقَيَّارٌ بها لغريبُ
ذكرَه الزمخشريُ، هذا إذا جَعَلْنا " قبيلاً " بمعنى كفيلاً، أي: ضامِناً، أو بمعنى معايَنة كما قاله الفارسيُّ. وإنْ جعلناه بمعنى جماعةً كان حالاً من " الملائكة ".

وقرأ الأعرج " قِبَلاً " من المقابلة.