الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً }

قوله تعالى: { حَصِيراً }: يجوزُ أَنْ يكونَ بمعنى فاعِل، اي: حاصرةً لهم، مُحيطةً بهم، وعلى هذا فكان ينبغي أن يؤنَّثَ بالتاء كخبيرة. وأُجيب: بأنَّها على النسَب، أي ذات حَصْرٍ كقولِه:السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } [المزمل: 18]، أي ذاتُ انفطارٍ. وقيل: الحَصِيْرُ: الحَبْسُ، قال لبيد:
3037- ومَقامَةٍ غُلْبِ الرجالِ كأنَّهمْ   جِنٌّ لدى بابِ الحصيرِ قيامُ
وقال أبو البقاء: " لم يؤنِّثْه لأنَّ فعيلاً بمعنى فاعِل " وهذا منه سهوٌ؛ لأنه يؤدِّ إلى أن تكونَ الصفةُ التي على فعيل إذا كانَتْ بمعنى فاعِل جاز حَذْفُ التاءِ منها، وليس كذلك لِما تقدَّم مِنْ أنَّ فعيلاً بمعنى فاعِل يَلْزَمُ تأنيثه، وبمعنى مَفْعول يجب تذكيرُه، وما جاء شاذَّاً مِنَ النوعين يُؤَوَّل. وقيل: إنما لم يُؤَنَّثْ لأنَّ تأنيث " جهنَّم " مجازيٌّ، وقيل: لأنها في معنى السِّجْن والمَحْبَس، وقيل: لأنها بمعنى فِرَاش.