قوله تعالى: { وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ }: قرأ العامَّةُ برفع الفعل بعد " إذَنْ " ثابتَ النون، وهي مرسومةٌ في مصاحف العامَّة. ورفعُهُ وعدمُ إعمالِ " إذن " فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أنها توسَّطَتْ بين المعطوفِ والمعطوفِ عليه. قال الزمخشري: " فإن قلت " ما وجهُ القراءتين؟ قلت: أمَّا الشائعةُ -يعني برفعِ الفعلِ - فقد عُطِف فيها الفعلُ على الفعلِ، وهو مرفوعٌ لوقوعِه خبرَ كاد، وخبرُ " كاد " واقعٌ موقعَ الاسم ". قلت: فيكون " لا يَلْبِثُون " عطفاً على قولِه " لِيَسْتَفِزُّونك ". الثاني: أنها متوسطةٌ بين قسمٍ محذوفٍ وجوابِه، فأُلْغِيَتْ لذلك، والتقدير: ووالله إذن لا يلبثون. الثالث: أنها متوسطةٌ بين مبتدأ محذوفٍ وخبرِه، فأُلْغِيَتْ لذلك، والتقدير: وهم إذن لا يلبثون. وقرأ اُبَيٌّ بحذفِ النون، فَنَصْبُه بإذن عند الجمهور، وبـ " أَنْ " مضمرةً بعدها من غيرِهم، وفي مصحف عبد الله " لا يَلْبَثُوا " بحذفِها. ووجهُ النصبِ أنه لم يُجعل الفعلُ معطوفاً على ما تقدَّم ولا جواباً ولا خبراً. قال الزمخشري: " وأمَّا قراءةُ اُبَيّ ففيها الجملةُ برأسها التي هي: إذاً لا يَلْبثوا، عَطَفَ على جملة قوله { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ }. وقرأ عطاء { لاَّ يَلَبَثُونَ } بضمِّ الياء وفتحِ اللام والباء، مشددةً مبنياً للمفعول، مِنْ لَبَّثَه بالتشديد. وقرأها يعقوب كذلك إلا أنه كسرَ الباءَ، جَعَلَه مبنياً للفاعل. قوله: " خِلافَك " قرأ الأخَوان وابنُ عامر وحفصٌ: " خِلافَك " بكسر الخاء وألفٍ بعد اللام، والباقون بفتح الخاء وسكونِ اللام. والقراءتان بمعنى واحدٍ. وأنشدوا في ذلك:
3089- عَفَتِ الديارُ خِلافَهم فكأنما
بَسَطَ الشَّواطِبُ بينهنَّ حََصِيْراً
وقال تعالى:{ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ } [التوبة: 81] والمعنى: بعد خروجك. وكثُر إضافةُ قبل وبعد ونحوِهما إلى أسماءِ الأعيان على حَذْفِ مضافٍ، فيُقَدَّر من قولك: جاء زيدٌ قبل عمروٍ: أي: قبل مجيئِه. قوله: { إِلاَّ قَلِيلاً } يجوز أن تكونَ صفةً لمصدرٍ أو لزمانٍ محذوف، أي: لُبْثاً قليلاً، أو إلا زماناً قليلاً.