الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً }

قوله تعالى: { أَفَأَمِنْتُمْ }: استفهامُ توبيخٍ وتقريعٍ. وقدَّر الزمخشري على قاعدتِه معطوفاً عليه، أي: أَنَجَوْتم فَأَمِنْتُمْ.

قوله: { جَانِبَ ٱلْبَرِّ } فيه وجهان أظهرهما: أنه مفعولٌ به كقوله:فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } [القصص: 81]. والثاني: أنه منصوبٌ على الظرف. و " بكم " يجوز أن تكونَ حاليةً، أي: مصحوباً بكم، وأَنْ تكونَ للسببية. قيل: ولا يَلْزَمُ مِنْ خَسْفِه بسببهم أن يَهْلَكوا. وأُجيب بأنَّ المعنى: جانبَ البر الذي أنتم فيه فيلزم بخَسْفِه هلاكُهم، ولولا هذا التقديرُ لم يكنْ في التوعُّدِ به فائدةٌ.

قوله: { أَن يَخْسِفَ } " أو يُرْسِلَ " " أن يُعِيْدَكم " فَيُرْسِلَ " " فَيُغرْقكم " قرأ هذه [جميعَها] بنون العظمة ابنُ كثير وأبو عمروٍ، والباقون بالياءِ فيها على الغيبة. فالقراءةُ الأولى على سبيل الالتفاتِ مِن الغائبِ في قولِهرَّبُّكُمُ } [الإِسراء: 66] إلى آخر، والقراءةُ الثانيةُ على سَنَنِ ما تقدَّم من الغَيْبَةِ المذكورة.

قوله: " حاصِباً " ، أي: ريحاً حاصِباً، ولم يؤنِّثْه: إمَّا لأنه مجازيٌّ، أو على النسَبِ، أي: ذاتَ حَصْبٍ. والحَصْبُ: الرميُ بالحَصَى وهي الحجارةُ الصغار. قال الفرزدق:
3083- مُسْتَقْبِلين شَمالَ الشامِ تَضْرِبُهم   حَصْباءُ مثلُ نَدِيْفِ القُطْنِ مَنْثُورِ
والحاصِبُ أيضاً: العارِضُ الذي يَرْمِي البَرَد.