قوله تعالى: { ٱذْهَبْ فَمَن }: تقدَّم أنَّ الباءَ تُدْغَمُ في الفاءِ في ألفاظٍ منها هذه، عند أبي عمروٍ والكسائيِّ وحمزةَ في رواية خلاَّدٍ عنه بخلافٍ في قوله:{ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ } [الحجرات: 11]. قوله: " جزاؤُكم " يجوز أن يكونَ الخطابُ التغليبَ لأنه تقدَّم غائبٌ ومخاطبٌ في قولِه: { فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ } فغلَّب المخاطَب، ويجوز أن يكونَ الخطابُ مراداً به " مَنْ " خاصةً ويكونُ ذلك على سبيل الالتفات. قوله: " جَزاءً " في نصبِه أوجهٌ، أحدُها: أنه منصوبٌ على المصدرِ، الناصبُ له المصدرُ قبله، وهو مصدرٌ مبيِّن لنوعِ المصدرِ الأول. الثاني: أنه منصوبٌ على المصدرِ أيضاً لكن بمضمرٍ، أي: يُجازَوْن جزاءً. الثالث: أنه حالٌ موطِّئة كجاء زيد رجلاً صالحاً. الرابع: أنه تمييزٌ وهو غيرُ مُتَعَقَّل. و " مَوْفُوراً " اسمُ مفعولٍ مِنْ وَفَرْتُه، ووفَرَ يُستعمل متعدِّياً، ومنه قولُ زهير:
3078- ومن يَجْعَلِ المعروفَ مِنْ دُوْنِ عِرْضِهِ
يَفِرْه ومَنْ لا يَتَّقِ الشتم يُشْتَمِ
والآيةُ الكريمةُ من هذا، ويُستعمل لازماً يقال: وَفَرَ المالُ.