قوله تعالى: { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ }: في هذه الباءِ قولان، أظهرُهما: أنها تتعلَّقُ بـ " أَعْلَمُ " كما تَعَلَّقَتْ الباءُ بـ " أَعْلَمُ " قبلها، ولا يلزمُ مِنْ ذلك تخصيصُ علمِه بمَنْ في السماوات والأرض فقط. والثاني: أنها متعلِّقَةٌ بـ " يَعْلَمُ " مقدراً. قاله الفارسي محتجاً بأنه يَلْزَمُ مِنْ ذلك تخصيصُ عِلْمِه بمَنْ في السماوات والأرض، وهو وَهْمٌ، لأنه لا يَلْزَمُ من ذِكْرِ الشيءِ نَفْيُ الحكمِ عَمَّا عداه. وهذا هو الذي يقول الأصوليون: إنه مفهومُ اللقَب، ولم يَقُلْ به إلا أبو بكر الدقاق في طائفةٍ قليلة. قوله: " زَبُورا " قد تقدَّم خلافُ القراءِ فيه، ونكَّره هنا دلالةً على التبعيضِ، أي: زَبُوراً من الزُّبُر، أو زَبُوراً فيه ذِكْرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأُطْلِقَ على القطعةِ منه زَبورٌ، كما يُطْلَقُ على بعضِ القرآن، ويجوزُ أَنْ يكونَ " زَبُور " عَلَماً، فإذا دَخَلَتْ عليه أل كقولِه:{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ } [الأنبياء: 105] كانت لِلَمْحِ الأصلِ كعبَّاس والعبَّاس، وفَضْل والفضل.