قوله تعالى: { وَعْد }: أي: مَوْْعُود، فهو مصدرٌ واقعٌ موقعَ مفعول، وتركه الزمخشري على حالِه، لكن بحذف مضاف، أي: وَعْدُ عقابِ أُوْلاهما. وقيل: الوَعْدُ بمعنى الوعيد. وقيل: بمعنى المَوْعِد الذي يُراد به الوقتَ. فهذه أربعةُ أوجهٍ. والضميرُ عائدٌ على المرتين. قوله: " عِباداً " العامَّةُ على " عِباد " بزنة فِعال، وزيدُ بن علي والحسنُ " عبيداً " على فَعِيْل، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك. قوله: " فجاسُوا " عطفٌ على " بَعَثْنا " ، أي: تَرَتَّب على بعثنا إياهم هذا. والجَوْسُ والجُوْس بفتحِ الجيمِ وضمِّها مصدرَ جاسَ يَجُوسُ، أي: فَتَّشَ ونقَّبَ، قاله أبو عبيد. وقال الفراء: " قَتَلُوا " قال حسان:
3026- ومِنَّا الذي لاقى بسيفِ محمدٍ
فجاسَ به الأعداءُ عَرْضَ العساكرِ
وقال أبو زيد: " الجُوسُ والجَوْسُ والحَوْسُ والهَوْسُ طَلَبُ الطَّوْف بالليل ". وقارب قطرب: " جاسُوا: نزلوا ". وأنشد:
3027- فَجُسْنا ديارَهُمُ عَنْوَةً
وأُبْنا بساداتِهم مُوْثَقِيْنا
وقيل: " جاسُوا بمعنى داسوا " ، وأنشد:
3028- إليك جُسْنا الفِيلَ بالمَطِيِّ
وقيل: الجَوْسُ: التردُّد. وقيل: طَلَبُ الشيءِ باستقصاء. ويقال: " حاسُوا " بالحاءِ المهملة، وبها قرأ طلحة وأبو السَِّمَّال، وقرئ " فَجَوَّسُوا " بالجيم بزنة نُكِّسُوا. قوله: " خلالَ " العامَّةُ على " خِلال " وهو محتملٌ لوجهين، أحدهما: أنه جمعُ خَلَل كجِبال في جَبَل، وجِمال في جَمَل. والثاني: أنه اسمٌٌ مفردٌ بمعنى وَسْط، ويدلُّ له قراءةُ الحسن " خَلَلَ الدِّيار ". وقوله: " وكان وَعْداً " ، أي: وكان الجَوْسُ، أو وكان وَعْدُ أُوْلاهما، أو وكان وَعْدُ عقابِهم.