الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }

قوله تعالى: { أَإِذَا كُنَّا }: قد تقدَّم خلافُ القراء في الاستفهامين كهذه الايةِ في سورة الرعد، وتحقيقُ ذلك. والعاملُ في " إذا " محذوفٌ تقديرُه: أنُبْعَثُ أو أنُحْشَرُ إذا كنَّا، دلَّ عليه " لمَبْعوثون " ، ولا يعملُ فيها " مَبْعوثون " هذا؛ لأنَّ ما بعد " إنَّ " لا يعملُ فيما قبلها، وكذا ما بعدَ الاستفهامِ لا يعملُ فيما قبله، وقد اجتمعا هنا، وعلى هذا التقديرِ الذي ذَكرْتُه تكون " إذا " متمحِّضةً للظرفيةِ، ويجوز أَنْ تكونَ شرطيةً فَيُقَدَّرُ العاملُ فيها جوابَها، تقديرُه: أإذا كنا عظاماً ورُفاتاً نُبْعَثُ أو نُعادُ، ونحو ذلك، فهذا المحذوفُ جوابُ الشرطِ عند سيبويه والذي انصبَّ عليه/ الاستفهامُ عند يونس.

قوله: " ورُفاتاً " الرُّفات: ما بُوْلِغَ في دَقِّه وتَفْتِيتِه وهو اسمٌ لأجزاءِ ذلك الشيءِ المُفَتَّتِ. وقال الفراء: " هو التراب ". ويؤيِّده أنه قد تكرَّر في القرآن " تُرابا وعظاماً ". ويقال رََفَتَ الشيءَ يَرْفِت بالكسرِ، أي: كَسرَه. والفُعال يغلب في التفريق كالحُطام والدُّقاق والفُتات.

قوله: " خَلْقاً " يجوز فيه وجهان، أحدُهما: أنه مصدرٌ من معنى الفعلِ لا مِنْ لفظِه، أي: نُبْعَثُ بَعْثاً جديداً. والثاني: أنه في موضع الحالِ، أي: مَخْلوقين.