قوله: { وَقَضَيْنَآ } " قَضَى " يتعدَّى بنفسِه:{ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً } [الأحزاب: 37]{ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ } [القصص: 29]، وإنما تَعَدَّى هنا بـ " إلى " لتضمُّنه معنى: أَنْفَذْنَا وأَوْحَيْنا، أي: وأَنْفَذْنا إليهم بالقضاءِ المحتومِ. ومتعلِّقُ القضاءِ محذوفٌ، أي: بفسادِهم. وقوله: " لَتُفْسِدُنَّ " جوابُ قسمٍ محذوفٍ تقديرُه: والله لتفسِدُنَّ، وهذا القسمُ مؤكدٌ لمتعلَّق القضاء. ويجوز أن يكونَ " لَتُفْسِدُنَّ " جواباً لقوله: " وقَضَيْنا " لأنه ضُمِّن معنى القسمِ، ومنه قولُهم: " قضاء الله لأفعلنَّ " فيُجْرُون القضاء والنَّذْرَ مُجْرى القسم فَيُتَلَقَّيان بما يُتَلَقَّى به القسمُ. والعامَّةُ على توحيد " الكتاب " مُراداً به الجنسُ. وابنُ جبير وأبو العالية " في الكُتُب " على الجمع، جاؤوا به نَصَّاً في الجمع. وقرأ العامَّةُ بضمِّ التاءِ وكسرِ السينِ مضارعَ " أفسدَ " ، ومفعولُه محذوفٌ تقديره: لَتُفْسِدُنَّ الأديانَ. ويجوزُ أْنْ لا يُقَدَّر مفعولٌ، أي: لتُوقِعُنَّ الفساد. وقرأ ابنُ عباسٍ ونصرُ بن علي وجابر بن زيد " لَتُفْسَدُن " ببنائه للمفعولِ، أي: لَيُفْسِدَنَّكم غيرُكم: إمَّا من الإِضلال أو من الغلبة. وقرأ عيسى بن عمر بفتحِ التاء وضمِّ السين، أي: فَسَدْتُم بأنفسِكم. قوله " مَرَّتَيْنِ " منصوبٌ على المصدر، والعاملُ فيه " لتُفْسِدُنَّ " لأنَّ التقديرَ: مرتين من الفساد. قوله: " عُلُوَّاً " العامَّةُ على ضمِّ العين مصدرَ علا يَعْلُو. وقرأ زيد بن عليٍّ " عِلِيَّاً " بكسرِهما والياءُ، والأصلُ الواو، وإنما اعتلَّ على اللغة القليلة؛ وذلك أن فُعُولاً المصدرَ الأكثرُ فيه التصحيحُ نحو: عَتا عُتُوَّاً، والإِعلالُ قليلٌ نحو{ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } [مريم: 69] على أحدِ الوجهين كما سيأتي، وإنْ كان جمعاً فالكثيرُ الإِعلالُ. نحو: " جِثِيَّاً " وشَذَّ: بَهْوٌ وبُهُوُّ، ونَجْوٌ ونَجَوٌّ، وقاسه الفراء.